مئات الشركات المحلية والأجنبية شاركت في معرض بيلدكس سورية 2025 (غياث حبوب/العربي الجديد)
استمع إلى الملخص
اظهر الملخص
- تم توقيع اتفاقيات استثمارية بقيمة سبعة مليارات دولار في سوريا مع شركات عالمية لتطوير قطاع الكهرباء والطاقة الشمسية، بهدف تلبية احتياجات البلاد وتحسين الخدمات العامة.
- يشهد المجتمع السوري نقاشات حول التنوير والحرية، مع رفض الاستبداد وزيادة الوعي بأهمية الحريات ومراقبة السلطة، مما يعكس حيوية المجتمع ورغبته في التغيير الإيجابي.
- يركز السوريون على الأولويات مثل توفير الكهرباء وفرص العمل، مع تعزيز المؤسسات الأمنية، ويتطلعون إلى مستقبل أفضل بفضل الاتفاقيات الاستثمارية الجديدة.
- يشهد المجتمع السوري نقاشات حول التنوير والحرية، مع رفض الاستبداد وزيادة الوعي بأهمية الحريات ومراقبة السلطة، مما يعكس حيوية المجتمع ورغبته في التغيير الإيجابي.
- يركز السوريون على الأولويات مثل توفير الكهرباء وفرص العمل، مع تعزيز المؤسسات الأمنية، ويتطلعون إلى مستقبل أفضل بفضل الاتفاقيات الاستثمارية الجديدة.
تتعلّق أولى اتفاقيات الاستثمار في سورية مع شركاتٍ عالميةٍ كبرى، وبقيمة سبعة مليارات دولار، بالكهرباء والطاقة الشمسية، كما عوين في مراسم توقيعها في 28 الشهر الماضي (مايو/ أيار) في قصر الشعب في دمشق، وبحضور الرئيس أحمد الشرع. قد يجيز هذا الاستعانة بمجازات التعبير والإنشاء، لإنعاش حالةٍ من التفاؤل تبقى سورية في أمسّ الحاجة إليها، فبالإضافة إلى ما تلبّيه هذه الاتفاقيات من احتياجاتٍ واسعةٍ من الكهرباء والطاقة لتشغيل مصانع ومرافق ومنشآتٍ عديدة، فإنها توفّر إنارةً في الطرق والمنازل، فضلاً عن "خدماتٍ" أخرى عديدة تيسّرها الكهرباء للناس أينما كانوا. وفي الوُسع، هنا، أن يُرى الأمر، على نحوٍ مجازيٍّ مواز، كأن يُؤتى على إحالةٍ إلى شديد الحاجة في سورية لإنارة طرقٍ أخرى، طرق المجتمع، في عمومه، في وجهته إلى إعادة بناء بلده، وإلى تشكيل مؤسّساتٍ سوريةٍ الجديدة، من قبيل أن يكون التنوير عماد العمل العام، الثقافي والسياسي والاجتماعي، والمنطلق الذي تصدُر عنه مختلف المقاربات في التعليم والتأهيل والتخطيط والإدارة والتسيير. أما عن كيفيّات هذا الأمر، والخروج به من مستوى التنظير إلى الأداء والفعل، فأهل مكّة أدرى بشعابها، ولا حاجة لأدمغةٍ وكفاءاتٍ سورية بلا عدد، في بلدها وخارجه، إلى وعظيّاتٍ من صاحب هذه الكلمات.
ولئن اشتغل فلاسفة ومفكّرون كثيراً على مفهوم التنوير، فإن الذي يعنينا، في النهاية، أن نغادر العرَج إياه عند "تنويريين" عربٍ غير قليلين، عندما قصروه على مستوى الخطاب الديني، وصعّدوا ضد "الإسلام السياسي" بالمطلق، فراحوا يُطنبون في الحديث عن "الاستبداد الديني"، بحقٍّ وبغير حقّ، وأغمضوا عيونهم الحوْلاء عن الاستبداد السياسي، فصمتوا عن انقلابيين دكتاتوريين في المنطقة العربية، وخرسوا عن شناعات بشّار الأسد المشهودة. ولئن نفض السوريون عنهم وعن بلدهم استبداد آل الأسد فهذا يجعلهم في يقظةٍ دائمةٍ ضد أي محاولةٍ من أي سلطة، راهنة أو مقبلة، باتجاه الحدّ من الحرّيات، وتزبيط قوانين تنظم أصنافاً وألواناً من التسلّط على المجال العام. وهذا النقاش الواسع الذي يخوض فيه السوريون، وفيه النقد والنقد المضاد، ومطارحاتٌ تعاكس المسار الذي يمضي فيه وإليه الحكم القائم، ومطارحاتٌ أخرى تتعامل مع هذا الحكم بتشجيعه بعد كل خطوة إيجابية، وانتقاده بعد كل قرار يرى سلباً، هذا النقاش يؤشّر إلى مشهد يتصف بمقادير ظاهرة من الحيوية المحمودة، وإن ثمّة ملاحظة هنا أو هناك.
البادي، في الأول والأخير، أن العموم السوري غادر التحديق في هيئة تحرير الشام وأرشيفها، وجبهة النصرة وما كانت عليه، وهم يُعاينون أداء السلطة القائمة، الانتقالية كما يجب التذكير والتشديد، فأولوية الأولويات لدى المواطنين، في مدنهم وقراهم وأريافهم وبواديهم، أن تتوفّر الكهرباء وفرص العمل والتشغيل، سيّما أنهم لم يلحظوا أداءً جهادياً سلفياً (أو سلفياً جهادياً؟) في أداء الرئيس ومعاونيه وحكومته، وإنْ يشدّدوا على واجب الضرورة بأن تتمأسس قوى الأمن وقطاعات الجيش بمهنية واحترافية، فلا تضم عناصر وضبّاطاً لا تعطي الصورة المهابة لها. ... ولكن مثقفين في نخبةٍ سورية في البلاد وخارجها يُغريهم المكوث في منطقة ذلك الكلام عن السلفيات و"النصرة" و"أحرار الشام".
ومع كل الحق في حرية القول لهم ولغيرهم، يحسُن أن يعرفوا أن هذه الموضوعة ليس من مشاغل السوريين، ولا من أولوياتهم واهتماماتهم، لا بدليل استطلاعات رأيٍ وتحقيقاتٍ صحفية، إنما أيضاً بالمعاينة المُشاهدة وبالبديهي الذائع. وعندما يدخل الرئيس أحمد الشرع الإليزيه في باريس ويجتمع به دونالد ترامب في الرياض، وربما يلقي كلمة سورية في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، فهذا مما يدفع إلى التخفّف من تلك الحمولات الباهظة، والتي تُثقل على نفوس الذين لم يتصوّروا أن يجلس في قصر الشعب رئيس كنيته السابقة أبو محمد الجولاني، في بلد الحداثة والتجديد في الآداب والفنون والأفكار، ويدفع من قبل ومن بعد إلى التحرّر، كلّيا كما أعتقد، من ذلك الجنوح إلى التأسّي والتأسّف، والذهاب إلى ما يعضُد تفاؤلاً ممكنا (أو مطلوباً ربما؟)، تبشّر به اتفاقياتٌ لم يسبق أن شهدت مثلها سورية، من حيث ملياراتها السبعة، خصوصاً أن بالغ أهميتها أنها في الكهرباء والطاقة، وطاقة السوريين على العمل والبناء مشجّعة دائماً، والنور في أفيائهم واعد دائماً.