استمع إلى الملخص
- الغارة أثارت الذعر بين السكان، حيث وصفت رانيا سبيتي اللحظات المرعبة التي عاشتها مع عائلتها، معبرة عن قلقها من المستقبل بعد الأضرار التي لحقت بمنزلها.
- محمد سرحان وزينب إسماعيل عبرا عن مخاوفهما من التصعيد العسكري وتأثيره على حياتهما، حيث اضطر محمد للجوء إلى فندق، وتعيش زينب في قلق دائم على مولودها الجديد.
لم ترأف إجازة عيد الفطر بأهالي الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث استفاقوا قرابة الساعة الثالثة والنصف من فجر اليوم الثلاثاء على دوي انفجار قوي هزّ المنطقة، بعدما شنّ الجيش الإسرائيلي غارة جوية استهدفت مبنى سكنيّاً في حي مكتظ بالمحال التجارية والمطاعم والشقق. والغارة هي الثانية من نوعها على الضاحية منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واستهدفت عنصراً في حزب الله اللبناني، وفق مزاعم الجيش الإسرائيلي.
وجاءت الضربة من دون أي إنذار مسبق يدعو للإخلاء، لتذكّر اللبنانيين بعمليات الاغتيال التي كان ينفّذها جيش الاحتلال خلال عداونه الأخير على لبنان. وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" (الوكالة الرسمية)، بأن "طيران العدو شنّ غارة استهدفت بصاروخين الطبقات الثلاث الأخيرة من مبنى يقع عند تقاطع صفير ـ معوض، وتسبّبت بإلحاق أضرار في عدد من المباني المجاورة". وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في لبنان أن "الغارة أدت في حصيلة محدثة إلى سقوط ثلاثة شهداء وسبعة جرحى".
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف "عنصراً من حزب الله في الضاحية الجنوبية كان يوجّه نشطاء من حركة حماس، وساعدهم بمحاولة تنفيذ هجوم خطير ووشيك ضد مدنيين إسرائيليين". ونقلت القناة 14 الإسرائيلية أن "الغارة استهدفت بشكل مباشر قيادياً في حزب الله يُدعى حسن علي بدير، ما أدى إلى مقتله وسقوط ضحايا مدنيين، وإن بدير كان يخطط لتنفيذ عملية تستهدف طائرة إسرائيلية في قبرص".
حالة الذعر والقلق ترويها رانيا سبيتي، المقيمة في الضاحية الجنوبية، وتقول لـ"العربي الجديد": "كانت الضربة قريبة، كنا نائمين وفجأة سمعنا صوتاً قويّاً، اعتقدنا للحظات أنه جدار صوت أو رعد، لكننا أدركنا أنها غارة جوية. هرعنا إلى الشرفة ورأينا أعمدة الدخان تتصاعد على وقع الدمار وصراخ الأهالي. للأسف، نعيش في بلد مجهول المصير، لا نعرف في أي لحظة نتعرض لغارة أو يُقصف منزلنا أو نكون في سيارتنا وفجأة نتعرض لصاروخ".
رانيا، الأم لثلاثة أبناء، تضيف: "عدنا إلى الضاحية بعد وقف إطلاق النار، ووجدنا أربعة مبانٍ مدمّرة في المجمع السكني، غير أن منزلنا لم يكن متضرّراً، لكن المطبخ الذي كنت قد خصصته لتحضير الوجبات اليومية تضرّر مرتين، ما اضطرني لنقل عملي حينها إلى منطقة جديدة المتن (شمالي بيروت). أما اليوم، فلا يمكننا ترك منزلنا إلا في حال شهدنا المزيد من التصعيد".
لم يهنأ محمد سرحان بعودته إلى منزله في الضاحية، ويكشف لـ"العربي الجديد"، أنه عاد منذ عشرين يوماً بعدما أنجز أعمال الترميم والصيانة، ويقول: "تركت المنزل الذي كنت أسكنه في محافظة جبل لبنان، وعدت للسكن في منطقتي ولبيع ما تبقى من ملابس في محلي. ومنذ عودتي، شهدت الضاحية غارتين، آخرها فجر اليوم، حيث حملتُ أطفالي الثلاثة وقصدتُ أحد فنادق منطقة الحمراء في بيروت". ويسرد حجم الرعب الذي عاشه أطفاله، أكبرهم بعمر أربع سنوات وأصغرهم بعمر شهرين، ويضيف: "كان صوت الغارة قويّاً جدّاً، واستفاق أطفالي يصرخون ويبكون، فسارعتُ للمغادرة تحسّباً من حصول أي مكروه لعائلتي"، ويأسف كيف أنهم ما زالوا يلملمون الأضرار الجسيمة التي حلّت بالضاحية، ويسأل: "إلى أين سنذهب بعد؟".
زينب إسماعيل، المقيمة في الضاحية، لا تخفي خوفها على مولودها الجديد، الذي لم يتجاوز عمره الأسبوع، وتقول لـ"العربي الجديد": "كنت أخشى خسارته عندما كنتُ حاملاً، وفُرض علينا النزوح والاحتماء في مركز إيواء بظروف معيشية قاهرة، واليوم ينتابني الرعب من تعرّض طفلي لأي مكروه. الحرب مخيفة ويبدو أنها لن تنتهي، ولا أعرف ماذا سأفعل وإلى أين سنلجأ، حياتنا أصبحت أتعس".
زينب، التي كانت متشوّقة لرؤية مولودها الأول، آملة خيراً بانتهاء القصف والغارات، عادت لتختبر الرعب مجدّداً، وهي التي كانت تعاني مشاكل في الحمل تسبّبت سابقاً بإجهاضها لتوأم. وتختم بالقول: "غداً موعدي لدى الطبيبة للاطمئنان على صحتي وصحة طفلي الذي يبقى أملي الوحيد وسط الظلام الحالك".