المغرب: خوف من تفشّي الحصبة بين التلاميذ

03 فبراير 2025
بعض الأطفال غير ملقحين ضد الحصبة في المغرب، 21 ديسمبر 2018 (فاضل سنا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في المغرب، بالتعاون مع وزارة الصحة، تنفيذ إجراءات لمكافحة تفشي الحصبة في المدارس، تشمل عزل المصابين وتلقيح غير الملقحين، وإغلاق المؤسسات التعليمية المتأثرة وتوفير التعليم عن بُعد.
- تفشى مرض الحصبة في المغرب منذ أواخر 2023، مع تسجيل 25 ألف إصابة و120 وفاة، ويعزى ذلك إلى تراجع الإقبال على التلقيح بسبب الإشاعات.
- حذر الخبراء من أن الإجراءات قد لا تكون كافية، داعين إلى رفع معدل التلقيح إلى 95% ومعالجة نقص الموارد البشرية ومكافحة الشائعات.

بدأت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، اليوم الاثنين، تنفيذ مجموعة إجراءات لمواجهة خطر تفشّي مرض الحصبة، في ظلّ ارتفاع نسبة الإصابات بعدد من جهات البلاد. ومع استئناف آلاف التلاميذ الدراسة الاثنين، بعد إجازة امتدت أسبوعاً، باشرت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بالتنسيق مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تطبيق إجراءات للحدّ من انتشار مرض الحصبة المعروف شعبياً بـ"بوحمرون" في المدارس، من بينها عزل التلاميذ المصابين بناء على نتائج الفحوصات، وتلقيح أولئك الذين امتنع آباؤهم عن تلقيحهم. 

وتتمثل أهم الإجراءات التي نصت عليها الوزارة، في مذكّرة وجهتها إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديرين الإقليميين، في إغلاق المؤسسات التعليمية التي تشكل بؤراً وبائية، وضرورة اتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان الاستفادة من التعليم عن بُعد، لضمان استمرارية العملية التربوية والتعليمية بالنسبة للمؤسسات التي تُغلق بسبب تفشي المرض. وفضلاً عن الإجراءات السابقة، شدّدت الوزارة على ضرورة توفير قاعات أو فضاءات ملائمة لضمان إجراء التلقيح في أفضل الظروف، مع ضرورة تنظيم مسار التلاميذ وتفادي الاكتظاظ. ويأتي اعتماد تلك الإجراءات في وقت تشير فيه أرقام وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى تسجيل 25 ألف إصابة و120 وفاة بداء الحصبة منذ سبتمبر/ أيلول 2023.

والحصبة مرض شديد العدوى وخطير ينتقل عبر الهواء، ويسببه فيروس يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمضاعفات وخيمة قد تؤدي إلى الوفاة. ويمكن أن تصيب الحصبة أي شخص، لكنها أكثر شيوعاً بين الأطفال، وتصيب الحصبة الجهاز التنفسي، ومن ثم تنتشر في جميع أنحاء الجسم، ومن أعراضها الحمّى العالية والسعال وسيلان الأنف وانتشار الطفح الجلدي في جميع أنحاء الجسم.

وبحسب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بدأ تفشي الحصبة منذ أواخر 2023 في جهة سوس ماسة، وامتد تدريجياً ليشمل مناطق مجاورة في جهة مراكش آسفي، قبل أن ينتشر في جهات أخرى. وتعزو الحكومة المغربية سبب تسارع الإصابات إلى تراجع الإقبال على تلقيح الأطفال والرّضع، موضحةً أن خوف الناس من التلقيح جرّاء بعض الإشاعات زاد من عدد الأطفال غير الملقحين.

إلى ذلك، رأى رئيس المكتب التنفيذي للفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة بجهة مراكش آسفي، نور الدين عكوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الإجراءات المتّبعة من وزارة التربية تهدف إلى حماية صحة التلاميذ وضمان استمرارية التعليم في بيئة آمنة، من خلال الجمع بين التلقيح والعزل الوقائي، واعتماد التعليم عن بُعد في الحالات الضرورية. ونبّه عكوري إلى ضرورة أن "يكون هناك تتبع دقيق ومستمر لجميع التلاميذ، خصوصاً التعليم الابتدائي والأولي، بالإضافة إلى التعليم الإعدادي والثانوي، كما ينبغي أن يتم هذا التتبع تحت إشراف فرق طبية تابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بالتنسيق مع الأطر الإدارية داخل المؤسسات التعليمية".

إلى ذلك، حذر الطبيب والباحث في السياسات والنُّظم الصحية، الطيب حمضي، من أن الإجراءات المتخذة على مستوى المدرسة لا تزال غير كافية رغم أهميتها، مشيراً إلى أن "عودة الدراسة بعد الإجازة قد تشكل قنبلة موقوتة تسرّع من انتشار المرض بسبب الاختلاط الاجتماعي والسفر بين المدن".

وأوضح حمضي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ انخفاض المناعة الجماعية ضدّ الحصبة إلى أقل من 95% (النسبة المطلوبة لقطع سلسلة العدوى) يهدد بموجات وبائية متكررة، قد تعيد المغرب إلى عصر الأمراض القاتلة. ولفت إلى أن الإجازة المدرسية الأخيرة، وتنقل ملايين التلاميذ وأُسرهم بين الجهات، خلقتا بيئة مثاليةً لانتشار الفيروس الذي سيظهر تأثيره بوضوح بعد حوالي عشرة أيام من استئناف الدراسة، مع توقعات بذروة جديدة خلال أسبوعين أو ثلاثة. وأضاف: "لا يوجد خيار أمامنا سوى رفع معدل التلقيح إلى 95%". ودعا إلى مراجعة شاملة داخل وزارة الصّحة لفهم أسباب التراجع الكبير في معدلات التلقيح، والتي ترجع إلى "نقص الموارد البشرية، والإضرابات المتكررة للعاملين في القطاع، وتراخي المراكز الصحية في متابعة جدول التلقيح، فضلاً عن غياب نظام إنذار مبكّر يرصد انخفاض التغطية قبل تفشي الأوبئة، من دون نسيان دور الشائعات والمعلومات المضلّلة". 

المساهمون