استمع إلى الملخص
- تعتبر الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب أن تحديد السن يشكل إقصاءً ممنهجاً ويهدر الطاقات الوطنية، داعية إلى مراجعة القرارات الحكومية لتتوافق مع قانون الوظيفة العمومية.
- يعبر البرلمانيون والنقابيون عن رفضهم للقرار، مشيرين إلى تأثيره السلبي على الشباب، رغم دفاع وزير التربية الوطنية عنه لأسباب تتعلق بتجويد المنظومة التعليمية.
يتواصل الجدل منذ أربع سنوات في شأن قرار الحكومة المغربية تحديد سن التقدم لاختبارات التوظيف في عدد من الإدارات العمومية. وفي ظل المخاوف من تعميم هذا الشرط، يدعو كثيرون إلى إعادة النظر في الشروط واعتماد معايير الكفاءة والمهنية
ينتظر الشاب المغربي أنور اليحياوي (34 عاماً) أن يثمر طلب وساطة وجهته أخيراً الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب إلى مؤسسة وسيط المملكة الحكومية للدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والموظفين من أجل المساهمة في ترسيخ سيادة القانون، للتراجع عن وضع سقف لسن المتقدمين إلى اختبارات الوظائف الذي تعتمده وزارة التربية الوطنية وقطاعات حكومية أخرى، كي يستطيع آلاف الشبان العاطلين عن العمل، خصوصاً من يحملون شهادات عليا، إنقاذ مستقبلهم. لكن يبدو أن معاناة هؤلاء الشبان ستطول في ظل التزام وزارة التربية الصمت حتى الساعة، كما يقول اليحياوي لـ"العربي الجديد". "حرم آلاف من خريجي الجامعات والكليات والمدارس العليا للأساتذة منذ عام 2021 من التقدم لامتحانات وظائف التعليم بسبب قرار تحديد سن الحصول على وظيفة عمومية في هذا القطاع بـ30، والقرار نسف حلمي في مزاولة مهنة التدريس".
واعتبرت الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، في رسالة وجهتها في 28 إبريل/ نيسان الماضي إلى رئيس مؤسسة وسيط المملكة، أن "اشتراط سن معينة من دون مراعاة المسار العلمي والمهني للمرشحين يحبط آمال الشبان ويقوّض مبدأ الاستحقاق وتكافؤ الفرص الذي يكفله الفصل 31 في الدستور المغربي".
وتبدي الشبكة المغربية قلقها الشديد مما تصفه بأنه "إقصاء ممنهج يتعرّض له خريجو الجامعات والمعاهد العليا ومراكز التكوين المهني من المشاركة في مباريات التوظيف في القطاعات الحكومية والعمومية والمؤسسات الدستورية، بسبب اعتماد سقف تعسفي للسن لا يتجاوز غالباً 30 أو 35 سنة". وتعتبر أن حصر السن بهذا الشكل "يهدر الطاقات الوطنية التي استثمرت فيها الدولة ميزانيات ضخمة على مدار سنوات من التكوين الأكاديمي والمهني".
وتشدد الشبكة على أن "هذا الوضع يكرّس التمييز السلبي الذي يتنافى مع الفصل السادس من الدستور الذي ينص على المساواة أمام القانون وعدم التمييز"، وهي تدعو مؤسسة وسيط المملكة إلى التدخل في شكل عاجل لمطالبة القطاعات الحكومية بمراجعة قراراتها في شأن تحديد سقف للسن يتلاءم مع البنود الدستورية وقانون الوظيفة العمومية الذي يحدد سن دخول الوظيفة بـ45، ويضمن انفتاح سوق الشغل أمام أوسع فئة من المواطنين المؤهلين.
ويقول رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب عبد الواحد الزيات لـ"العربي الجديد": "أدخل قرار تحديد سقف لسن التوظيف في عدة قطاعات عمومية الشبان الذين يحملون شهادات مرحلة اليأس والإحباط، علماً أنه يهدر الموارد البشرية التي جرى تكوينها بالمال العام على مدى سنوات".
يتابع: "القرار مجحف وخارج البنود الدستورية والقانونية، في وقت يجب أن يُلبي طموحات الشباب ويراعي انتظارهم أن يصبحوا مساهمين انطلاقاً من مواقعهم في تدبير الشؤون العامة للبلاد، كما أنه لا يشمل مناصب المسؤولية والسياسية. وفي وقت لم تلتقط الحكومة الإشارات التي بعثها المجتمع المدني وتفاعلات برلمانيين ونقابيين مع الموضوع، اختارت الشبكة التوجه إلى مؤسسة وسيط المملكة التي تتمتع بمكانة دستورية بعد تشكيلها لرفع أي تعسّف وإجحاف".
ويقول المستشار البرلماني لنقابة الاتحاد الوطني للشغل (معارضة) في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) خالد السطي لـ"العربي الجديد": "رفضنا مرات وضع سقف لسن التوظيف خصوصاً في قطاع التعليم الذي بدأ في السنة الأولى من عمر الحكومة الحالية، وقد أثرت الأمر في مجلس المستشارين مع وزير التربية الوطنية السابق، ووجهت أسئلة كتابية في الموضوع، لكن الحكومة تصرّ على مواصلة قرارها".
ويوضح أن "قرار وضع سقف لسن التوظيف حرم مجموعة كبيرة من الشباب والشابات الذين تجاوزوا سن الثلاثين بأشهر أو سنوات قليلة من دخول قطاع التعليم الذي عرف طفرة في توظيف نحو 20 ألف شخص خلال السنوات الثماني الأخيرة".
ويتابع: "نتمنى أن تستجيب الحكومة لنداءاتنا على غرار فعّاليات وحتى مسؤولين في الغالبية الحكومية للعدول عن القرار الذي يُدخل شباباً كثيرين في البطالة، ويزرع في نفوسهم اليأس والشعور بالحسرة".
وكان وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة دافع في يناير/ كانون الثاني الماضي عن خيار الوزارة تحديد سن التوظيف في التعليم، وقال إن "الوزارة اختارت تحديد سن الثلاثين لأسباب عدة أولها تجويد المنظومة التعليمية وتحفيزها لتحقيق أفضل النتائج".
إلى ذلك، يرى متابعون أن الحكومة تملك اعتبارات عدة في تحديد سن 30 سنة لإجراء مباريات التوظيف ترتبط خصوصاً بالموازنة وأنظمة التقاعد والتعاضد.