استمع إلى الملخص
- التحديات القانونية والانتقادات: تواجه الإجراءات تحديات قانونية وانتقادات، حيث تتعارض مع نظام دبلن للجوء والقوانين الأوروبية، وتثير مخاوف من انحراف عن الإجراءات الإدارية المتبعة.
- التداعيات الإنسانية والسيناريوهات المحتملة: قد تؤدي الإجراءات إلى تداعيات إنسانية، مثل تشرد اللاجئين بين الدول الأوروبية وزيادة حالات الدخول السري، مما يعكس التحديات المستمرة في إدارة الهجرة.
تعد قضية الهجرة من المواضيع الأكثر إثارة للجدل والقلق في ألمانيا، وخلال الحملات الانتخابية الأخيرة، أطلقت الأحزاب وعوداً بفرض إجراءات صارمة ضد اللاجئين يتوقع أن تتحقق قريباً
بعد التوافق على أن يضم ائتلاف الحكومة الجديدة في ألمانيا حزبي الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديمقراطي، وذلك إثر محادثات استكشافية أجريت بين الجانبين، يبدو أن الوعود بفرض إجراءات صارمة بحق اللاجئين ستتحوّل الى واقع من خلال تطبيق تدابير عملية جديدة تشكل موضع اختلاف داخلي، علماً أن أطرافاً وخبراء سبق أن حذروا من تنفيذ إجراءات منفردة في هذا النوع من القضايا.
وبينما يشدد الحزبان السياسيان على إحداث تحوّل حقيقي في مكافحة الهجرة السرّية، يشددان أيضاً على تطبيق الورقة الاستكشافية المشتركة باعتبارها خريطة طريق ملزمة تتضمن التشدد في رفض القادمين على الحدود، ووقف برنامج لمّ شمل الأسر، وتنفيذ المزيد من عمليات الاحتجاز والسجن في انتظار الترحيل.
وأوردت الورقة الاستكشافية أن "الرفض سيُطبق بالتنسيق مع الجيران الأوروبيين عند الحدود المشتركة، الذين سيضطرون إلى الموافقة على استقبال اللاجئين المرفوضين".
وعلّق ينس شبان الذي ينتمي الى حزب الاتحاد المسيحي بالقول: "سيجرى إبلاغ الشركاء الأوروبيين بهذا الأمر، والتنسيق معهم من دون التطفل على موافقة دول أخرى، علماً أن الأمر سيكون محفوفاً بالمخاطر إذا لم توافق دول الجوار على المسألة، وهذا ما حصل في حقبة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل".
وفي شأن لمّ شمل الأسر، تفيد الورقة الاستكشافية بأن اللاجئين المعترف بهم يمكن أن يحضروا أطفالهم القصر وأزواجهم، وأيضاً القصر غير المصحوبين بذويهم رغم أنهم لا يستطيعون تحمّل تكاليف السكن والمعيشة الخاصة بهم، لكن لن يسمح لمن يتمتعون بحماية فرعية، وبينهم سوريون، بفعل ذلك مدة عامين، علماً أن السنوات السابقة شهدت قبول ألف تأشيرة فقط للمّ الشمل.
وسيسمح هذا التعليق بخفض عدد الأقارب القادمين إلى ألمانيا عن طريق لمّ الشمل، لكن منظمة بروازول للدفاع عن حقوق اللاجئين تنتقد الإجراء، باعتبار أن "حرمان أشخاص من لمّ شمل أهلهم مدة من الزمن ينغص حقهم في عيش حياة أسرية آمنة".
إلى ذلك، أوردت الورقة الاستكشافية أنه "لم يعد ضرورياً أن يتوفر محامٍ قبل تنفيذ قرار ترحيل طالبي اللجوء، في حين سيحصر استخدام المستفيدين من بطاقات الدفع في الولايات الألمانية لمنع التحايل عليها عبر تحويل أموال من الدعم الحكومي في ألمانيا إلى أقارب وأصدقاء في بلدهم الأصلي، كما ستملك السلطات القدرة على تحديد المبلغ النقدي الذي يمكن أن يسحبه حاملو البطاقات خلال فترة زمنية معينة".
وبالنسبة إلى عمليات الرفض عند الحدود، تبرز تساؤلات ومخاوف جدية حول إمكان تطبيقها أو حتى كونها تصرفاً حكيماً من الناحية السياسية. واعترض أستاذ القانون في جامعة هاله وينفرد كلوث على أن "التعاون الإداري في أوروبا لا يقتصر على مجرد تبادل المعلومات، أي العمل من جانب واحد، فالقرارات السابقة التي أصدرتها محكمة العدل الأوروبية بشأن القواعد الخاصة بنظام لائحة دبلن للجوء تمنع رفض دول الاتحاد الأوروبي طالبي اللجوء، وتطالبها بأن تسمح لهم بالدخول تمهيداً لدراسة ملفاتهم قانونياً، ما يتيح لهم فرصة الحصول على لجوء. والقانون الأوروبي له أسبقية على القوانين الوطنية، وبالتالي الأساس الالتزام بنظام دبلن الذي يحدد أيضاً أي دولة في التكتل مسؤولة عن اللاجئ".
وعلّق محللون أيضاً أنه "في حال طُبق إجراء الرفض عند الحدود، لا يمكن تخيّل أن اللاجئين سينتظرون بين بلدين في الاتحاد الأوروبي من دون أن تتاح لهم فرصة قانونية للتمتع بحق الحماية، كما أنه إذا لم تعد الحكومة الألمانية ترغب في قبول هذه القواعد التنظيمية، فلن تستطيع العمل داخل الشبكة الأوروبية".
من جهته، وصف رئيس مجموعة عمل قانون الهجرة في نقابة المحامين الألمانية توماس أوبرهاوزر إخضاع قرارات منح اللجوء لمبدأ التحقيق الرسمي بأنه "فكرة سخيفة تماماً، فمثلاً، هل من المفترض إعادة امرأة إلى أفغانستان إذا لم تستطيع تحديد وضعها خلال هذا التحقيق؟ هذا التوجه مشكوك فيه، ويشكل انحرافاً جوهرياً عن الإجراءات الإدارية المتبعة، ولا يتوافق مع مبادئ الحق في الحياة والسلامة البدنية التي تنص عليها المادة رقم 2 من القانون الأساسي".
يتابع: "في ظل القناعة الراسخة لدى باحثين في مجال الهجرة بأنه لا يمكن رفض اللاجئين تنفيذاً لقواعد دبلن، يجب أن تقبل ألمانيا في البداية جميع طالبي الحماية، ثم تحدد في مرحلة ثانية أي دولة أخرى كان يجب أن تستقبلهم ثم تمكن إعادتهم إليها. وإذا انتهكت ألمانيا هذا الحق المكرس في القانون الأوروبي، فقد يؤدي ذلك إلى عواقب غير حميدة، وقد لا تشعر بلدان أخرى بعد ذلك بأنها ملزمة بهذه القواعد، وتحيد عن تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي نهائياً".
من جهة أخرى، قال الباحث رافائيل بوسونغ لشبكة "إن تي في" الإخبارية إن "السيناريوات المحتملة ستكون إرسال الدولتين المعنيتين المهاجرين ذهاباً وإياباً مرات، وهو ما تفعله فرنسا وإيطاليا حالياً، إذ ترحل إيطاليا اللاجئين إلى فرنسا وتعيدهم فرنسا إلى إيطاليا مرة أخرى من دون أي تنسيق مسبق بينهما. ويدفع ذلك المهاجرين إلى التشرّد في الغابات والطبيعة لأنه لا يمكن السيطرة على الحدود بالكامل، كما يطلبون العثور على طرق سرية للعبور إلى أي دولة بينها ألمانيا، حيث قد يسبحون عبر نهر أودر الذي يمر في بولندا إلى فرانكفورت".
ووفق وزارة الداخلية الاتحادية، جرى رصد نحو 80 ألف حالة دخول سرّي إلى البلاد العام الماضي، ورُفضت 47 ألف حالة لجوء بسبب تقديم وثائق مزورة أو بسبب فرض حظر دخول بعد ترحيل هؤلاء الأفراد سابقاً، باعتبار أن التحقيق كشف مسؤولية دولة أخرى عن إجراءات اللجوء، وهو أول بلد أوروبي وصل إليه.