- دعت تركيا إلى وقف الهجمات على إدلب، محذرة من أن التصعيد يهدد استقرار المنطقة ويقوض اتفاقيات أستانة. تسعى تركيا إلى مصالحة مع النظام السوري برعاية روسية، لكنها لم تحقق نتائج ملموسة بعد.
- تمكنت فصائل المعارضة من السيطرة على معظم أحياء حلب وقريتين في سراقب، واغتنمت معدات عسكرية متنوعة، مما يعكس تصاعد حدة المعارك.
أعلن الجيش الروسي، اليوم الجمعة، أن قواته الجوية تقصف فصائل المعارضة السورية في عملية لصد هجومها على مدينة حلب، حسبما أوردت وكالات أنباء روسية رسمية، فيما اتهمت إيران إسرائيل والولايات المتحدة بالوقوف وراء هجمات المعارضة في سورية، فيما طالبت تركيا بوقف الهجمات على إدلب. ووصل مقاتلو المعارضة السورية إلى حلب، ثاني أكبر مدينة في سورية، الجمعة، في سياق هجوم خاطف على قوات النظام السوري وروسيا. وتُعَدّ هذه المعارك من بين الأكثر دموية منذ سنوات.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سورية قوله إنّ "القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين"، على حدّ وصفه. وأوردت الوكالات أن الغارات أدت إلى "القضاء" على 200 مسلح خلال الـ24 ساعة الماضية.
وقال أوليغ إغناسيوك، نائب رئيس مركز المصالحة الروسي، إنّ "عملية صدّ عدوان المتطرفين مستمرة"، حسبما نقلت عنه وسائل إعلام رسمية. وموسكو هي الداعم العسكري الأهم لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وساهم تدخّلها المباشر اعتباراً من عام 2015 في تحويل مسار النزاع لصالح النظام.
بدورها أكدت إيران مجدداً، اليوم الجمعة، دعمها الحازم للنظام السوري، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان. وجاء في البيان أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي "شدد على دعم إيران المستمر لحكومة سورية وأمتها وجيشها في كفاحها للإرهاب"، في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية أنّ عراقجي ندد اليوم الجمعة بهجمات للمعارضة السورية ووصفها بأنها "خطة أميركية صهيونية بعد هزيمة النظام الصهيوني في لبنان وفلسطين". وأضافت أنّ عراقجي أكد، في المكالمة مع الصباغ، دعم طهران للحكومة السورية.
من جانبها، دعت تركيا إلى "وقف الهجمات" على مدينة إدلب ومحيطها، بعد سلسلة غارات شنتها القوات الجوية الروسية وقوات النظام السوري. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة إكس: "لقد طالبنا بوقف الهجمات. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية"، مشيراً إلى "التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي".
وهذا أول رد فعل رسمي لتركيا منذ بدء الهجوم الخاطف لفصائل المعارضة السورية على النظام السوري، الذي وصل في غضون يومين إلى حلب، ثاني أكبر مدن البلاد. وقالت الوزارة: "من المهم للغاية بالنسبة إلى تركيا تجنب مرحلة جديدة من زعزعة أكبر للاستقرار وعدم تأثر المدنيين"، مؤكدة أن "الحفاظ على الهدوء في إدلب وفي المنطقة الحدودية (...) أولوية بالنسبة إلى تركيا".
واعتبرت أنقرة أن "الهجمات الأخيرة على إدلب وصلت إلى مستوى يقوض روحية وآليات تطبيق اتفاقيات أستانة" لعام 2017. ويهدف مسار أستانة الذي يضم روسيا وإيران وتركيا إلى إنهاء النزاع في سورية من خلال إنشاء أربع مناطق منزوعة السلاح. لكن حكومة النظام السوري لم توقع هذا الاتفاق. وبدأت تركيا التي تستضيف ثلاثة ملايين لاجئ سوري، عملية مصالحة مع النظام السوري برعاية روسيا، لكن هذا التقارب لم يثمر حتى الآن.
وكانت "حكومة الإنقاذ" (الذراع المدنية لهيئة تحرير الشام)، قد دعت في وقت سابق روسيا إلى أن تكون شريكاً محتملاً في مستقبل سورية الحرة، مستنكرةً القصف الذي طاول محافظتي إدلب وحلب، شمال غربي سورية. ودعت إدارة الشؤون السياسية، في بيان لها، "روسيا إلى عدم ربط المصالح بنظام الأسد أو شخص بشار، بل مع الشعب السوري بتاريخه وحضارته ومستقبله"، مشددةً على أن "الشعب السوري يسعى لبناء علاقات إيجابية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع كل دول العالم، بما في ذلك روسيا التي نعتبرها شريكاً محتملاً في بناء مستقبل مشرق لسورية الحرة".
وتمكنت فصائل غرفة عمليات "ردع العدوان"، مساء اليوم الجمعة، من دخول معظم أحياء مدينة حلب، وذلك بعد انسحاب جماعي لقوات النظام والمليشيات المدعومة من إيران. وحصل "العربي الجديد" على معلومات من مصادر إعلامية ضمن إدارة العمليات العسكرية لدى غرفة عمليات "ردع العدوان" تؤكد أنّ فصائل المعارضة السورية دخلت، مساء اليوم الجمعة، إلى ساحة سعد الله الجابري وحي الفرقان وحي الأعظمية وحي سيف الدولة وحي صلاح الدين وحي المشهد وضاحية الأسد في قلب مدينة حلب، وجسر الراموسة ودوار الباسل في الطرف الغربي من المدينة، وسط عمليات تقدم مستمرة إلى الأحياء الشرقية، وذلك بعد انسحاب جماعي لقوات النظام والمليشيات المدعومة من روسيا وإيران، بعد السيطرة على حي حلب الجديدة وحي الراشدين وحي الحمدانية داخل مدينة حلب من الطرف الغربي.
وأكدت المصادر أنّ فصائل غرفة عمليات "ردع العدوان" سيطرت على قريتي إسلامين والشيخ منصور في الطرف الشرقي من مدينة سراقب شرقي محافظة إدلب، واغتنمت ست دبابات من طرازات مختلفة، بالتزامن مع اغتنام مستودعات أسلحة وقذائف وصواريخ ودبابات وعربات مجنزرة من حي الصناعة بعد تمشيطه في مدينة سراقب عند تقاطع الطريقين الدوليين "إم 5" الذي يربط بين دمشق وحلب، و"إم 4" الذي يربط بين حلب واللاذقية، شرقي محافظة إدلب، شمال غربي سورية.
(فرانس برس، العربي الجديد)