منفذ عملية أريئيل الشهيد سامر حسين.. إمام مسجد ومعتقل سابق في سجون الاحتلال

29 نوفمبر 2024
منفذ عملية مستوطنة أريئيل الشيخ سامر محمد حسين (مواقع التواصل الاجتماعي)
+ الخط -

لم يكن يخطر ببال الأهالي في قرية عينبوس جنوبي مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، أن غياب الشيخ سامر محمد حسين (46 عاماً) عن خطبة وصلاة الجمعة في المسجد القريب من بيته، سيكون إلى الأبد وإلى غير رجعة شهيداً، فبمجرد نشر صورة منفذ عملية إطلاق النار التي وقعت ظهر اليوم الجمعة، قرب مستوطنة أريئيل المقامة على أراضي محافظة سلفيت، استطاعوا التعرف إليه فوراً.

يقول شقيقه سمير حسين لـ"العربي الجديد"، إن أخاه "رجل بسيط ومتواضع، وهو يعمل إضافة إلى كونه إمام مسجد، في الأعمال الحرة للإنفاق على أسرته التي تضم سبعة أفراد"، مشيراً إلى أنه منذ صغره كان متديناً وملتزماً أداء الصلوات جماعة. ويضيف أنه "ما كاد يخرج من المسجد بعد أن أدى الصلاة، حتى التفّ حوله سكان القرية ليعلم منهم أن أخاه سامر هو منفذ العملية التي أدت إلى إصابة تسعة مستوطنين، جروح ثلاثة منهم حرجة، كانوا داخل الحافلة التي استهدفها الشهيد، حيث تمكن من إفراغ ثلاثة مخازن رصاص نحوها قبل إطلاق جنود الاحتلال النار عليه، واستشهاده".

ويتابع: "لا شك أن الخبر كان صادماً ومفاجئاً، خصوصاً أن سامر كان بعيداً نسبياً عن العمل السياسي، ولا يتحدث كثيراً في هذه الأمور، لكنه كغيره كان يعيش قهراً وألماً كبيرين على ما يجري في قطاع غزة، ولبنان أيضاً"، مشيراً إلى أنه بعدما علم باحتمال استشهاده، حاول الاتصال بشقيقه، لكن أحداً لم يجب، قبل أن يعلم من زوجته أنه كان قد أرسل إليها رسالة يوصي فيها بالاهتمام بالأبناء، وحثهم على التزام الصلاة وقراءة القرآن.

وعلى الرغم من ذلك، عاشت العائلة ساعات من الترقب والانتظار، ما بين مؤكد للخبر ومن يطلب التريث حتى تعلن الجهات الرسمية التفاصيل. ويصف شقيقه سمير المشهد قائلاً: "في دقائق، اكتظت بيوتنا بالجيران والأقارب، والكل يترقب، حتى جاء الإعلان الرسمي من وزارة الصحة عبر هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية بأن سامر هو المنفذ".

وسبق أن تعرّض الشهيد سامر حسين عام 2003 للاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث أمضى نحو عشرين شهراً، كذلك اعتُقل مرتين على الأقل لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بتهمة الانتماء إلى حركة حماس. وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تداهم منزل الشهيد ومنازل أقاربه وتحتجزهم، وتجري معهم تحقيقاً ميدانياً، منهم شقيقه سمير، واعتقلت شخصين على الأقل من أفراد العائلة، أحدهما نجل الشهيد الأكبر محمد.

ويقول أحد جيران الشهيد، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن الشهيد تربطه علاقات متينة جداً بأهالي القرية جميعاً، فكونه إماماً لأحد مساجدها، جعل منه شخصية عامة واعتبارية، لذلك تراه يشارك في الأفراح والأتراح، وفي إصلاح ذات البين. ويشير إلى أن سامر معروف بتدينه ودعمه للمقاومة، وكان كثيراً ما يخصص مواعظه ودروسه والكلمات التي يلقيها للحديث عن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني عموماً وقطاع غزة خصوصاً، وكان دوماً يدعو إلى التوحد في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

وكانت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قد أعلنت، في بيان رسمي، تبنيها للعملية والمنفذ، وقالت إن "كل القرارات التي كتبت بحبر الحكومة الصهيونية المتطرفة التي تستهدف بها الضفة الغربية ستدفع ثمنها دماً مسفوكاً من أجساد الجنود والمغتصبين"، مشيرةً إلى مخططات الاحتلال التهويدية الاستيطانية، التي تستهدف أراضي الضفة الغربية مباشرةً.

وتقع قرية عينبوس التي يتحدّر منها الشهيد، على بُعد 11 كيلومتراً إلى الجنوب من نابلس وتُعدّ بلدة حوارة الأقرب إليها، حيث التلاصق الجغرافي الكبير. وكان أكثر من 70% من اقتصاد القرية يعتمد على عمل أبنائها في سوق العمل الإسرائيلي، لكن بعد أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فقد الغالبية العظمى منهم عملهم هناك، ولجأوا للزراعة والتجارة أو العمل داخل الضفة.

وصنفت اتفاقية أوسلو 85% من أراضي قرية عينبوس على أساس أنها مناطق (ب)، أي أنها تحت سيطرة إدارية فلسطينية وأمنية للاحتلال، وبها تتركز الغالبية العظمى من السكان البالغ عددهم نحو 4 آلاف نسمة، وما تبقى صُنّفت (ج)، أي تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، ومعظمها أراضٍ زراعية ومستوطنات وبؤر استيطانية.

وسرقت مستوطنة "يتسهار"، إحدى أكبر المستوطنات في شمال الضفة الغربية، ما مساحته 115 دونماً من الأراضي الشمالية للقرية، وأنشأ مستوطنون حديثاً بؤرة استيطانية على أراضيها، لتزيد مساحة الأراضي التي سيطر عليها الاستيطان على 800 دونم. وتتعرض القرية لهجمات عنيفة من المستوطنين، فقد سبق أن أحرقوا صفوفاً مدرسية، واعتدوا على المزارعين ومنعوهم من التقدم نحو أراضيهم لجني الزيتون.

المساهمون