حل عقدة اللواء الثامن... خطوة لإنهاء ملفات تشكيلات سورية مشابهة؟

15 ابريل 2025
طريق درعا، 25 مارس 2025 (بكر القاسم/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قام اللواء الثامن بتسليم مقراته ومستودعات الأسلحة لوزارة الدفاع السورية، مما يُتوقع أن يساهم في تهدئة الأوضاع الأمنية في درعا، حيث تم نقل السجناء إلى مدينة درعا.
- أعلن العقيد محمد الحوراني حل اللواء الثامن لتعزيز الوحدة الوطنية، وتمت العملية بأقل الخسائر، حيث سيطرت وزارة الدفاع على ريف درعا الشرقي خلال أربعة أيام.
- تأسس اللواء الثامن في 2018 بدعم روسي، ومع حله، يُمنح عناصره خيار الانتساب للجيش السوري الجديد، مما يمهد لحل ملفات مشابهة في السويداء والشمال الشرقي.

سلّم اللواء الثامن، وهو من أكبر الفصائل المحلية في محافظة درعا، جنوبي سورية، مقراته ومستودعات الأسلحة، لوزارة الدفاع السورية في جميع المدن والبلدات التي كان له حضور فيها، في خطوة من المتوقع أن يكون لها بعيد الأثر في تهدئة الأوضاع الأمنية في هذه المحافظة، والدفع باتجاه التعاطي مع ملفات مشابهة في البلاد. ونشرت شبكات إخبارية محلية منها "تجمع أحرار حوران" صوراً للسلاح والذخائر التي تسلمتها وزارة الدفاع السورية، أمس الأول الأحد، من مقرات اللواء الثامن التي كانت منتشرة في مدينة بصرى الشام ومحيطها في ريف درعا الشرقي. وتسلمت قوى الأمن العام التابع لوزارة الداخلية مقار اللواء في مدينة بصرى بريف درعا الشرقي، وسجنين اثنين في المدينة، وجرى نقل السجناء (10 منهم بتهم جنائية وأربعة بتهم أمنية) إلى مدينة درعا.


ضياء قدور: حل عقدة اللواء الثامن سيؤثر على إنهاء ملف فصائل السويداء

نهاية قصة اللواء الثامن

وأعلن العقيد محمد الحوراني، أحد ضباط اللواء في بيان له الأحد الماضي، حل التشكيل بشكل كامل وتسليم مقدراته العسكرية والبشرية لوزارة الدفاع السورية، وذلك "حرصاً على الوحدة الوطنية وتعزيز الأمن والاستقرار، والالتزام بسيادة الدولة وخطتها". وتم تكليف النقيب محمد القادري بمهمة التنسيق المباشر مع الجهات المعنية لـ"إتمام عملية الانتقال والتسليم بسلاسة"، وفق البيان. وأكد عماد المسالمة وهو أحد وجهاء محافظة درعا، في حديث مع "العربي الجديد"، أن قصة اللواء الثامن "انتهت وبأقل الخسائر ومن دون تخريب أو تهجير"، مضيفاً: وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام سيطرا على ريف درعا الشرقي خلال أربعة أيام. وتابع: أنا كنت من ضمن الموجودين في المنطقة لضبط الأمور. لم تحدث سرقات أو عمليات نهب أو انتقام، ما خلا تجاوزات بسيطة. وبيّن أن وزارة الدفاع السورية "نقلت الأسلحة الثقيلة التي كانت بحوزة اللواء إلى مقراتها"، مضيفاً: عادت بصرى الشام إلى وضعها الطبيعي في سورية. انتهى عهد الظلم والاستبداد.

وكانت منطقة بصرى الشام شهدت خلال الأيام القليلة الماضية توتراً واسع النطاق إثر اعتقال القيادي المحلي بلال المقداد، المعروف باسم بلال الدروبي الموالي للحكومة في دمشق، الخميس الماضي، من قبل عناصر تابعة للواء، وتوفي بعد يومين متأثراً بإصابته بطلقين ناريين. وكان أحمد العودة قائد اللواء الثامن رفض الانضواء في وزارة الدفاع السورية، إلا وفق شروطه، وأبرزها الدخول إلى الجيش السوري الجديد كتلةً واحدة وهو ما يخالف منهجية الوزارة.

وكان اللواء الثامن تأسس في عام 2018 من قبل الجانب الروسي، وضم عدداً من المقاتلين الذين كانوا في صفوف المعارضة السورية في ذلك الحين، والتي اضطرت إلى توقيع اتفاقات تسوية مع النظام المخلوع برعاية روسية. وانضم التشكيل في حينه إلى الفيلق الخامس المدعوم من موسكو، التي كانت داعمة رئيسية لقائده (العودة) الذي كان كانت لديه ارتباطات بأكثر من دولة إقليمية منها الإمارات. ويبدو أن الزيارة التي أجراها الرئيس السوري أحمد الشرع، أول من أمس الأحد، إلى أبوظبي، أسهمت في تحريك هذا الملف الشائك وحله بشكل سمح للدولة السورية بفرض سيطرتها على محافظة درعا بحدودها الإدارية.

في عام 2022 تغيرت تبعية اللواء إلى شعبة المخابرات العسكرية في النظام المخلوع، إلا أنه بقي سلطة أمر واقع في ريف درعا الشرقي رغم ذلك. وبحسب المعلومات المتوافرة سيمنح عناصر اللواء الثامن خيار الانتساب بشكل فردي إلى الجيش السوري الجديد، فيما لم يُعرف بعد مصير العودة، والمقربين منه. ومع حل هذا التشكيل تطوي الحكومة السورية واحداً من الملفات المعقدة في الجنوب السوري الذي شهد منذ إسقاط النظام في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي اعتداءات وتوغلات برية من قبل جيش الاحتلال، الذي استغل حالة عدم اليقين في هذا الجنوب لتنفيذ هذه الاعتداءات التي وصلت إلى ريفي درعا الغربي والشمالي. وكان مؤتمر النصر، الذي عقدته إدارة العمليات العسكرية في 29 يناير/كانون الثاني الماضي، وضم قادة 18 فصيلاً عسكرياً، أصدر العديد من القرارات، منها حلّ جميع الفصائل العسكرية، والأجسام الثورية والسياسية والمدنية، ودمجها في مؤسسات الدولة، وتشكيل مؤسسة أمنية جديدة وبناء جيش جديد على أسس وطنية.


سيُمنح عناصر اللواء خيار الانتساب للجيش السوري الجديد

وبدأت وزارة الدفاع في الحكومة السورية منذ ذلك الحين مفاوضات مع الفصائل والتشكيلات العسكرية لحلها ودمجها في فرق وألوية الجيش الجديد. ولكن العديد من الفصائل إما ترددت أو رفضت الانضواء في الجيش الجديد، ومنها اللواء الثامن الذي ربما يمهد إنهاء ملفه الطريق أمام التعاطي مع ملفات شبيهة في محافظة السويداء المجاورة لدرعا، وفي الشمال الشرقي من البلاد. في السويداء لا تزال غالبية الفصائل ترفض تسليم السلاح والذخائر التي استحوذت عليها من مقرات ومستودعات قوات النظام المخلوع، بسبب مخاوف من العهد الجديد في البلاد، وفق تبريرات قادة هذه الفصائل. وبحسب مصادر مطلعة في السويداء، أبرز التشكيلات التي لا تزال خارج وزارة الدفاع السورية حتى اللحظة، هي تلك المرتبطة بشيخ عقل الطائفة حكمت الهجري، ولواء الجبل، والمجموعات المنضوية في ما يُعرف بـ"المجلس العسكري"، مشيرة إلى أن أوضاع هذا المجلس "ملتبسة، وخصوصاً لجهة تبعيته". وأوضحت المصادر أن هناك فصائل وتشكيلات عسكرية محلية اتفقت مع وزارة الدفاع وباتت ضمن هيكليتها، أبرزها: حركة رجال الكرامة، وفصيل ليث البلعوس، وتجمع أحرار جبل العرب.

تمهيد لحل قضية فصائل السويداء

برأي الخبير العسكري ضياء قدور في حديث مع "العربي الجديد"، فإن حل عقدة اللواء الثامن في درعا "سيكون له تأثير كبير في إنهاء ملف فصائل السويداء"، مضيفاً: ظهرت الحكومة في دمشق بموقف حازم غير قابل للتراجع عن خطتها في حصر السلاح بيد الدولة. وتابع: لكن ليس بالضرورة أن نشهد تداعيات ونتائج خلال فترة قصيرة، لكون ملف السويداء فيه من التعقيدات ما يكفي والتي تتطلب إجراءات دقيقة ومدروسة لمعالجته. كل ملف له ظروفه الخاصة. وبرأيه أيضاً، فإن حل ملف اللواء الثامن "خطوة ضرورية جداً لبسط سيطرة الدولة على كامل البلاد"، مضيفاً: لم يكن هذا اللواء يتمتع بقاعدة وحاضنة شعبية، لذا لم يكن قادراً على الصمود أمام أي تحرك عسكري اتجاهه من الحكومة في دمشق. كذلك، رأى المحلل العسكري فايز الأسمر في حديث مع "العربي الجديد"، أن "حل أي تشكيل عسكري مهما كانت تبعيته الإثنية والعرقية واندماجه الكامل في وزارة الدفاع لحصر السلاح المنفلت وغير الشرعي، يزيد ويعزز سيطرة الدولة السورية على كامل أراضيها ويسهم في تثبيت الأمن والأمان في البلاد". وأشار إلى أن حل اللواء الثامن واستلام أسلحته من قبل وزارة الدفاع "خطوة ميدانية وأمنية مبشرة باتجاه حل جميع الفصائل والتشكيلات، سواء في محافظة السويداء أو شرقي نهر الفرات"، مضيفاً: لا يمكن لدولة تحترم نفسها وشعبها السماح ببقاء أي كيان مسلح خارج السيطرة المطلقة.

المساهمون