الموقف الشعبي الغزي من مخطط التهجير

26 مايو 2025
طفل فلسطيني يراقب إزالة الأنقاض في مخيم النصيرات، 18 مايو 2025 (إياد بابا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مخططات التهجير القسري: تسعى حكومة اليمين الفاشي في دولة الكيان إلى تهجير سكان غزة مستغلة الظروف السياسية والعسكرية والدعم الغربي لتحقيق "النصر المطلق" ضد حماس، مع تصاعد هذه المخططات منذ حرب أكتوبر 2023.

- رفض شعبي واسع: يرفض أكثر من 80% من سكان غزة مخططات التهجير، مؤكدين على الانتماء للأرض ورفض تكرار نكبة 1948، معبرين عن موقف موحد يتجاوز الانتماءات السياسية والاجتماعية.

- رغبة محدودة في الهجرة: نسبة صغيرة من السكان، بين 15% و20%، تفكر في الهجرة لأسباب إنسانية أو تعليمية أو صحية، أو بسبب فقدان الممتلكات والعائلات.

بدايةً لا بدّ من التأكيد أنّ مخططات اليمين الفاشي الحاكم في دولة الكيان لتهجير كلّ سكان القطاع أو أغلبيتهم، هي مخططاتٌ حقيقيةٌ، أُعيد طرحها بقوّةٍ منذ اليوم الأول لحرب الإبادة على قطاع غزّة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، في محاولةٍ لاستثمار ما يسميه رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، وشركاؤه من تيارات "الصهيونية الدينية"، الفرصة التاريخية النادرة، التي أعقبت "طوفان الأقصى"، والغطاء الأميركي اللا محدود، والتضامن الغربي والتماهي نسبيًا مع الرواية الصهيونية، وقد حاولت حكومة الكيان بقوّة آلة الجيش الصهيوني العسكرية فرض مخطط التهجير على شمال قطاع غزّة في بداية حرب الإبادة، لكن شجّع صعود ترامب في الولايات المتّحدة نتنياهو على المضي قدمًا في مخطط التهجير لفرضه على كلّ أو أغلبية سكان غزّة، تحت عنوان "النصر المطلق"، و"هزيمة حركة حماس"، والضغط العسكري للإفراج عن الأسرى الصهاينة لدى المقاومة.

بنظرةٍ عامةٍ؛ وفق ملاحظات الكاتب الميدانية، على أراء سكان قطاع غزّة بشأن مشروع التهجير، فإنّ الغالبية العظمى ترفض التهجير من ناحية المبدأ (أكثر من 80% منهم)، وتتمسك بالبقاء على الأرض، والثبات عليها رغم الظروف القاهرة، وغياب كلّ مقومات الحياة الأساسية، والخطر المهدد للحياة، الذي يتعرض له كلّ مواطن على مدار اللحظة، وينقسم الموقف الشعبي لجهة رفض مبدأ التهجير، وفقًا لدوافع عدّة وأسباب ليست بالضرورة متناغمة.

على الجانب الأخر، هناك شريحةٌ تخطط، أو ترغب بالانتقال إلى الخارج انتقالاً نهائيًا أو مؤقتًا، تتراوح بين 15 % إلى 20 % من السكان

تشمل الفئة الأولى من الرافضين لمبدأ التهجير؛ غالبية سكان القطاع، الرافضين من منطلقاتٍ وطنيةٍ بحتة، ومن طبيعة الانتماء للأرض والشعب، ووفاءً للتقاليد والعادات الراسخة، التي ورثوها عن الآباء والأجداد، وهي فئةٌ لا تقتصر على فصيلٍ مقاومٍ أو حركةٍ وطنيةٍ، أو طبقةٍ اجتماعيةٍ، بل هي عابرةٌ  للشرائح المجتمعية، والتنظيمات الفلسطينية، والنخب السياسية والفكرية، بما يتضمن غير المنتمين لأيّ فصيلٍ وطنيٍ مقاومٍ أو غير مقاومٍ، وشعار هؤلاء في رفضهم للهجرة "أنّ الشعب الفلسطيني لن يكرر نكبة عام 1948 مرّةً أخرى"، ولن يمرر مخططات اجتثاث الفلسطينيين مما تبقى من أرض فلسطين التاريخية، كما أن غزّة لن تكون لقمةً سائغةً للمستوطنين الفاشيين الجدد، المتلهفين لعودة الاستيطان في قطاع غزّة مرّةً أخرى.

أما الفئة الثانية، لا تتجاوز 10% من سكان القطاع، فيأتي رفضها من خشية الذهاب إلى المجهول، ومن غياب أيّ جهةٍ ممكن أن تستقبلهم في حال انتقالهم للإقامة في الخارج، أو عدم قدرتهم على إيجاد مصدر دخلٍ يعينهم على نوائب الحياة في الغربة.

ملحق فلسطين
التحديثات الحية

تشمل الفئة الثالثة؛ لا تتجاوز 4% من السكان، من لهم مصالح تجارية يصعب تعويضها في الخارج، أو لهم عقاراتٌ وممتلكاتٌ يُخشى عليها في حال تركها، أو ارتبطت عائلاتهم بقطاعاتٍ صناعيةٍ عريقةٍ، اكتسب قيمتها من منبتها وديمومتها وقبولها بين سكان غزّة. هناك أيضًا؛ فئةٌ أخرى صغيرةٌ تشمل كبار السن، الذين يتطلعون إلى الدفن؛ بعد وفاتهم، في أرض فلسطين، أو ممن يشق عليهم السفر، وأعباه الجسدية والنفسية الثقيلة.

على الجانب الأخر، هناك شريحةٌ تخطط، أو ترغب بالانتقال إلى الخارج انتقالاً نهائيًا أو مؤقتًا، تتراوح بين 15 % إلى 20 % من السكان، وتشمل فئاتٍ إنسانيةً، وطلاب جامعات، لإكمال دراستهم في الخارج، أو جرحى ومصابين بإصاباتٍ حرجةٍ، أو حالات بترٍ وتشوهات نتيجة حرب/ عدوان الإبادة، أو من الحروب/ الاعتداءات السابقة، وتشمل هذه الفئة أيضًا؛ من فقدوا كلّ شيءٍ في حرب الإبادة؛ عائلاتهم أو عددًا كبيرًا من أفرادها، وربّما ممتلكاتهم. كما تشمل من يتطلع إلى الهجرة المؤقتة لحين إعادة الإعمار، وبناء البنية التحتية أو صيانتها، وإعادة الخدمات، وتوفير متطلبات الحياة الأساسية.

تشمل الفئة الأولى من الرافضين لمبدأ التهجير؛ غالبية سكان القطاع، الرافضين من منطلقاتٍ وطنيةٍ بحتة، ومن طبيعة الانتماء للأرض والشعب، ووفاءً للتقاليد والعادات الراسخة

بالمجمل فإن مخططات التهجير؛ وما يُخطط له جيش الاحتلال وحكومته الفاشية، لم يغب عن الوعي الشعبي في قطاع غزّة، إذ ترفض الغالبية العظمى منه مبدأ الهجرة، من منطلقاتٍ وطنيةٍ، بِحكم الانتماء للأرض والشعب والقضية، لذلك فإن الحكومة الفاشية تخطط لفرض التهجير القسري بقوة الآلة العسكرية الصهيونية الجبارة وبطشها، وتتحين الفرص لذلك، وقد يكون الصيف القادم موعدها المنتظر لتحقيقه.

المساهمون