أول فعالية علنية تنظمها الاستخبارات الجزائرية وأول خطاب لمديرها

20 ابريل 2025
مدير جهاز المخابرات الجزائرية العميد فتحي موساوي، 20 إبريل 2025 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نظمت الاستخبارات الجزائرية فعالية علنية لأول مرة بحضور وفود أفريقية، ضمن ورشة عمل حول "المعلومات المضللة والأخبار الزائفة"، مما يعكس تحولًا في سياسة الجهاز الأمني.
- أكد العميد رشدي موساوي على أهمية مواجهة المعلومات المضللة كمعركة وجودية، مشيرًا إلى التحديات التي يواجهها الجيش الجزائري في الحروب الإعلامية والهجمات السيبرانية.
- دعا موساوي إلى تبني استراتيجية موحدة لمكافحة التضليل الإعلامي في شمال أفريقيا، وتعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية والإعلامية، وتطوير برامج توعوية للمواطنين لمواجهة الأخبار الكاذبة.

شهدت الجزائر، الخميس، سابقة غير معهودة في تاريخها الأمني، تمثّلت في تنظيم جهاز الاستخبارات لأول مرة فعالية علنية مفتوحة للتغطية الإعلامية، بحضور وفود من أجهزة استخباراتية أفريقية، وبتصريح رسمي علني هو الأول من نوعه لمدير الاستخبارات الجزائرية العميد رشدي فتحي موساوي.

الفعالية التي احتضنتها العاصمة الجزائرية جاءت في إطار ورشة عمل نظمها مكتب شمال أفريقيا التابع للجنة أجهزة الاستخبارات والأمن الأفريقية (سيسا)، تحت عنوان "المعلومات المضللة والأخبار الزائفة وتداعياتها على أمن واستقرار الدول"، وكرّست تحولًا غير مسبوق في سياسة الجهاز الأمني الأشهر في الجزائر، والذي ظل لعقود بعيداً عن الأضواء ووسائل الإعلام.

وقال المدير العام للوثائق والأمن الخارجي (الاستخبارات) العميد رشدي فتحي موساوي، خلال فعالية إقليمية شارك فيها قادة من أجهزة الاستخبارات والأمن الأفريقية حول المعلومات المضللة وأمن الدول، إن الجزائر تخوض معركة وجودية ضد المعلومات المضللة، مؤكدًا أن "الجيش الجزائري منتبه بشدة إلى كل الأخطار المحدقة به، وفي مقدمتها الحروب الإعلامية والهجمات السيبرانية التي تستهدف زعزعة استقرار الجزائر والثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة"، مشيرًا إلى أن المصالح والأجهزة الأمنية تبذل جهودًا كبيرة في التصدي لكل محاولات التضليل، مما ساهم في تحصين الجبهة الوطنية وتعزيز الوعي الجماعي لدى المواطنين لمواجهة الحملات المغرضة التي تستهدف استقرار الجزائر ووحدتها الوطنية.

وشدد مدير الاستخبارات الجزائرية، الذي يرأس إقليم شمال أفريقيا للجنة أجهزة الاستخبارات والأمن الأفريقية، على أن "معركة مجابهة التضليل الإعلامي ليست خيارًا، بل واجب فرضه علينا مسؤوليتنا التاريخية في حماية دولنا وشعوبنا من محاولة التشكيك والتفكيك"، مشيرًا إلى أن "تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة الأفريقية يفرض إرادة مشتركة لمجابهة التحديات والتصدي للتهديدات التي تواجه أمننا القومي والإقليمي، ومن أبرزها ظاهرة التضليل الإعلامي والأخبار الزائفة، التي أضحت أداة تستغلها جهات خبيثة لزعزعة الاستقرار وإثارة الفتن وبث الشكوك في مؤسسات الدولة"، وقال: "هذه الظاهرة التي تفاقمت بفعل التطورات السريعة في ميدان التكنولوجيا والإعلام والاتصال، لم تعد مجرد مسألة إعلامية بسيطة، بل تعدّت أبعادها كل الحدود، وباتت تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار، وتُستخدم للتأثير على المجتمعات وتقويض الثقة بين الشعوب وحكوماتها والتلاعب بالرأي العام لتحقيق أجندات خفية".

ولفت المسؤول الأمني الجزائري إلى الدور الخطر الذي باتت تلعبه وسائل الإعلام بشقيها التقليدي والحديث في زعزعة استقرار الدول، "والتي تفوقت في التأثير على الرأي العام، حيث أصبحت توازي تأثير الحروب في قوتها وقدرتها على تشكيل الوعي الجماعي، لا سيما مع تطور الإعلام الرقمي الذي قلب كل المفاهيم"، موضحًا أن "خطورة وسائل الإعلام الحديثة تكمن في سهولة تداول الأخبار دون رقابة أو تحقق، مما أدى إلى انتشار ظاهرة الأخبار المغلوطة التي تُستخدم كأداة لضرب استقرار المجتمعات والدول"، مشيرًا إلى أن "أحد العوامل الرئيسية لانتشار هذه الظاهرة هو دخول أعداد هائلة من المستخدمين محدودي الثقافة والتعليم إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث يفتقد الكثير منهم إلى الوعي الكافي بمخاطر الأخبار الكاذبة أو إلى المسؤولية القانونية التي قد تترتب عن نشر أو مشاركة معلومات مضللة"، ما يحتم، حسب ذات المتحدث، على الجميع "التحقق من مصدر الأخبار قبل نشرها أو إعادة تداولها، لأن الضرر الناتج عن ذلك لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يمتد ليشمل المؤسسات وحتى استقرار الدولة وأمنها القومي".

وحذّر نفس المصدر من أن منطقة شمال أفريقيا ليست بمنأى عن هذه الحملات الممنهجة التي تستهدف بث الفوضى وإضعاف الاستقرار، مشددًا على ضرورة تبني استراتيجية موحدة لمكافحة التضليل الإعلامي، و"إجراءات تعزيز التنسيق والتعاون بين أجهزة الاستخبارات والأمن في دولنا لضمان رصد وتحليل المعلومات المغلوطة والحد من تأثيرها السلبي"، وكذلك إقامة شراكات مع المؤسسات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي لوضع آليات تضمن التحقق من صحة الأخبار ومكافحة التضليل الإعلامي، وتطوير برامج توعوية وتثقيفية للمواطنين لتعزيز قدرتهم على التمييز بين الأخبار الصحيحة والمغلوطة، وتحصين المجتمعات من الاستغلال الإعلامي، وتعزيز الإطار القانوني والتشريعي لمجابهة نشر الأخبار الكاذبة التي تهدد الأمن القومي والاستقرار المجتمعي.

وهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها مدير جهاز الاستخبارات الجزائرية متحدثًا في فعالية إقليمية أمام الصحافة، في تطور تدريجي لخروج قائد الجهاز من دائرة الظل إلى الفضاءات والفعاليات المُعلنة ولو على نطاق محدود، بعد عقود كان فيها مدير الجهاز الأمني الجزائري بعيدًا عن الأضواء والصحافة، حتى عام 2015، حيث كان التلفزيون الرسمي نفسه يتحاشى بث صور أو مشاهد لحضور مدير الاستخبارات في اجتماعات مجلس الأمن القومي أو الفعاليات الرسمية للرئيس الجزائري. كما أنها المرة الأولى التي تنظم فيها الاستخبارات الجزائرية فعالية علنية وبلافتة تحمل اسم الجهاز كطرف منظم، في تطور آخر يفيد بانفتاح قد يُغيّر كثيرًا من صورة الجهاز على الصعيد العام.

المساهمون