أليس فايدال زعيمة "البديل من أجل ألمانيا"... الاقتصادية الحالمة بأن تكون "تاتشر ألمانيا"

04 فبراير 2025
فايدال تتحدث خلال مؤتمر لحزب البديل من أجل ألمانيا، 11 يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- صعود حزب البديل من أجل ألمانيا: تحت قيادة أليس فايدال منذ صيف 2022، شهد الحزب تقدماً ملحوظاً في الساحة السياسية الألمانية، حيث نجحت فايدال في تغيير صورة الحزب إلى كيان سياسي أكثر قبولاً، مما انعكس في استطلاعات الرأي.

- التحالفات والتأثيرات الدولية: فايدال تدعم السياسات الليبرالية الجديدة وأقامت تحالفات مع شخصيات دولية مثل إيلون ماسك، مما عزز مكانة الحزب عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

- السياسات المثيرة للجدل: تروج فايدال لسياسات يمينية متشددة تشمل رفض اللاجئين ومعارضة الطاقة المتجددة، وتسعى لتحقيق حلمها بأن تصبح "تاتشر ألمانيا" رغم التحديات.

لم يعد من الممكن تجاهل اندفاعة أقصى اليمين الألماني، ممثلاً بحزب البديل من أجل ألمانيا، نحو تحقيق اختراق هام على مستوى الانتخابات البرلمانية القادمة يوم 23 فبراير/شباط الحالي. هذا التقدم ليس بمعزل عن تزعم أليس فايدال الحزب منذ صيف 2022. وهي باتت اليوم أحد أكثر الأسماء المتداولة في الشارع الألماني، المؤيد للبديل من أجل ألمانيا أو المعارضين له.

فايدال (45 عاماً) هي من عائلة محافظة، والأصغر بين ثلاثة أشقاء، حاصلة على دكتوراه في الاقتصاد انضمت إلى عالم البنوك، وبينها غولدمان ساكس، كما عملت في الصين ومتحدثة للغة الماندرينية في ذلك البلد. وعلى المستوى الشخصي ليس ثمة أسرار، فالسيدة الألمانية معروفة بأنها مثلية الجنس وتعيش مع امرأة من أصل سريلانكي، وتبنى الشريكان معاً طفلين وأسسا منزلهما في سويسرا وليس في ألمانيا. بالطبع لا يمكن إغفال مواقفها اليمينية المتشددة من اللاجئين والمهاجرين، وقد نعتتهم بما لا يليق في بدايات انضمامها إلى الحزب. بل اتهمت المستشارة السابقة أنغيلا ميركل بأنها "مذنبة في قضايا الاغتصاب على يد اللاجئين".

مع ذلك، خلال أكثر من عامين ونصف العام استطاعت أليس فايدال نقل صورة حزبها في بعض الأوساط الألمانية من حزب متهم بأنه يضم نازيين جدداً إلى صورة أكثر قبولاً. صورة تعبر عن نفسها في استطلاعات الرأي حول مكانة حزب البديل من أجل ألمانيا في "البونستاغ" (البرلمان الفيدرالي) القادم صباح يوم 24 من الشهر الحالي. بل تفيد الاستطلاعات بأنه لو كان الألمان يصوتون مباشرة لانتخاب المستشار/ة لاختاروها بأغلبية، وفقاً لما نشرت صحيفة بيلد، هذا رغم السمعة السيئة للحزب خلال نحو 14 عاماً من التأسيس.

فبعد توليها قيادة الحزب سعت فايدال، مع مقربين لها، نحو تطبيع مكانة الحزب، حالمة بأن تكون يوماً هي مستشارة ألمانيا. وجهدت لجعل حزبها صاحب وزن سياسي، على الأقل تحقيقه في الاستطلاعات مكانة ثانية بنحو 20-21% بعد الاتحاد الديمقراطي المسيحي بنحو 30%، ومتجاوزاً الحزب الاجتماعي الديمقراطي العريق (حزب المستشار الألماني الحالي أولاف شولتز) الذي يراوح حول 16%. بكلمات أخرى، نقلت أليس فايدال حزبها من النظر النمطي إليه كلطخة مخجلة للألمان إلى حالة يجد فيها السياسيون صعوبة متزايدة في تجنب حضوره الشعبي، والقلق منه.

أليس فايدال... تفاخر بالإنجازات وليبرالية تاتشرية

انضمت أليس فايدال إلى حزب البديل من أجل ألمانيا في 2013. واعتبرت نفسها "مصححة" لقراءة أن بلدها والاتحاد الأوروبي "قد انحرفا عن المسار الصحيح"، وفقاً لما نقلت عنها صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ السويسرية. نقطة التحول في دخولها الحزب، وفقاً لنفس الصحيفة، كانت "حين ناقشت كثيراً ولساعات حالة بلدها وأوروبا مع عائلتها، ما دفع شريكتها إلى القول لها: "بدلاً من إزعاج الجميع بتصريحاتك، قومي بفعل شيء ما في السياسة بنفسك". وأشارت فايدال إلى أن انضمامها إلى الحزب جاء "من أجل أطفالي، فإذا فشل حزب البديل في تحمل مسؤولية الوصول إلى الحكم فإن هذا البلد لن ينجح"، كما قالت في مقابلة مع صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ في 2017 مع دخولها البرلمان لأول مرة.

وصل تفاخرها بإنجاز نقل حزبها من العزلة حداً كبيراً في نهاية الشهر الماضي، حين قبل زعيم المعارضة ومرشح يمين الوسط إلى المستشارية عن "الديمقراطي المسيحي"، فريدرش ميرز، إدخال "البديل من أجل ألمانيا" إلى دفء السياسة والاعتماد على قاعدته البرلمانية في محاولة تمرير قانون متشدد بشأن اللجوء. صرحت للصحافة الألمانية بعد ذلك التصويت أنها فخورة لأنه خلال السنوات السبع التي قضاها حزبها في البرلمان الألماني تعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها الاعتماد على أصواته بوصفها عاملاً حاسماً. كما شددت على أنه "يجب أن تعمل الديمقراطية بدون جدار حماية غير ديمقراطي"، رداً على تهميش الأحزاب طوال السنوات الماضية للحزب، لافتة إلى أن "بلدنا وشعبه على رأس أولوياتنا".

صحيح أن ليس كل الفضل في ما حققه حزبها عائد لها، لكنها منذ انضمامها إلى بوندستاغ (بسن 38 عاماً) في 2017، وتحمل مسؤولية الحزب مع زميلها في قيادته تينو شروبالا، بدل الثمانيني المثير للجدل بسبب تصريحاته المتسامحة مع الزمن النازي، ألكسندر غاولاند، لوحظ التحسن في مكانة "البديل من أجل ألمانيا"، ما يجعل نجاحاته على المستوى الشعبي تقلق الطبقة السياسية التي باتت تواجه مصاعب في تهميشه وتجميد التعاون معه.

بالنسبة لفايدال فإن مثلها الأعلى في السياسة هي رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت تاتشر (رئيسة الحكومة البريطانية بين 1979 و1990)، ولديها رغبة في تطبيق أفكارها عن الليبرالية الجديدة. لهذا فإن تحالفها الأقرب هو مع التيار الأميركي، فقد ركزت طيلة يناير/كانون الثاني الماضي على الظهور كل خميس في بث مباشر على منصة إكس، التي يملكها صديقها إيلون ماسك، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويؤيد ماسك حزب البديل في سياق تطبيق أجندته في تعزيز الأحزاب اليمينية المتشددة في أوروبا، ما يدعم بالطبع أجندة أليس فايدال بالوصول إلى مزيد من الناخبين. وسمى ماسك علاقته بفايدال، الممتدة إلى عشر سنوات، كتحالف. استضافها في محادثة على منصته (ونشرت على يوتيوب) لمدة ساعة و14 دقيقة، تحدثا خلالها عن كل شيء من المريخ، والحرب في أوكرانيا، والتبشير للتطرف اليميني. اعتبرت ذلك اللقاء بديلاً عن "استفزاز ومقاطعة ووقاحة وسائل الإعلام التقليدية" في بلدها. ماسك وافقها بالقول: "الناس يحبون فرض الرقابة على الأشياء التي لا يتفقون معها". من جهتها اعتبرت أن ما يجري مؤامرة يسارية، قائلة : "لدينا هذه الأجندة الاشتراكية اليسارية المجنونة في نظامنا التعليمي".

أخذ إيلون ماسك بيد أليس فايدال نحو تطبيع شعبي لمكانة اليمين القومي المتشدد، فقد ظهر أمام نحو 4500 مشارك في مؤتمر انتخابي لحزبها وتحدث عبر الشاشات عن بعد حول ضرورة أن يكون الناس فخورين بألمانيا وكونهم ألماناً، وأن "هناك تركيزاً كبيراً لا يزال قائماً على خطايا الماضي"، محاولة منه لرفع تهمة الميل النازي في اتهامات البعض لحزب البديل من أجل ألمانيا، وكذلك اعتباره أن البديل الأفضل لألمانيا هو "البديل من أجل ألمانيا".

تطمح فايدال إلى تطبيق سياسة حدودية مشددة لمنع وصول مهاجرين/لاجئين جدد ولرفضهم حدودياً، كما أنها تسوق لرفض حزبها الطاقة المتجددة والتحول الأخضر ورفض تشييد المزيد من توربينات الرياح وتريد تفكيكها، والتحلل من إلزامية ذلك تحت مظلة الاتحاد الأوروبي، إلى جانب وعودها بتخفيض الضرائب.

في كل الأحوال، أحلام أليس فايدال أن تصير "تاتشر ألمانيا" دونها الأغلبية الشعبية المتشككة بحزبها، حتى مع تحقيقها تقدماً له على المستوى الاتحادي. وبانتظار ما ستفرزه صناديق الاقتراع يبقى اسمها علامة فارقة في حياة ومستقبل "البديل من أجل ألمانيا".