يفتك الجوع بآلاف الفلسطينيين في قطاع غزة على مرأى ومسمع من العالم؛ بطون خاوية، وأجساد هزيلة لأطفال ورضّع لا يجدون ما يسدّ رمقهم، وأمهات أعياهنّ البكاء والعجز، وكبار في السن لا يجدون ما يسد رمقهم. ويعيش القطاع على حافة المجاعة، فيما شارفت الإمدادات الأساسية على النفاد على نحوٍ متسارع منذ أن شدّدت إسرائيل حصارها وأغلقت المعابر في 2 مارس/ آذار الماضي. لم تكتفِ آلة الحرب الإسرائيلية بالقصف والدمار، بل استخدمت الطعام سلاحاً؛ فأغلقت المعابر، ومنعت دخول شاحنات المساعدات، والتي نُهب الكثير منها في الطريق قبل توزيعها، كما دمرت مخازن الأغذية والمخابز، وانهارت سلسلة الإمدادات، وبات سكان غزة يقفون في طوابير طويلة أملاً في الحصول على وجبة تسد الجوع، أو رغيف خبز يبقيهم على قيد الحياة.
وتكررت من دون جدوى التحذيرات الأممية والحقوقية من أنّ ما يجري عمداً يؤدي إلى "مجاعة من صنع البشر"، وسط ارتفاع أسعار ما تبقى من سلع غذائية على نحوٍ غير مسبوق. مع تفاقم الأزمة، تتزايد الدعوات الدولية لوقف فوري لإطلاق النار، ورفع الحصار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية من دون أية عراقيل، فقطاع غزة اليوم لا يموت أهله بالقصف والتهجير فحسب، بل يموتون بالجوع، ويجري هذا ببطء، ومن دون أن يلتفت أحد. فإلى متى سيبقى الجوع سلاحاً مُشرَعاً في وجه المدنيين الفلسطينيين؟