استمع إلى الملخص
- غضب الموسيقيين تضاعف بعد استثمار رئيس سبوتيفاي في تقنيات ذكاء اصطناعي عسكرية، مما دفع فرقاً مثل "ماسيف آتاك" للانسحاب، ويهدف منظمو "الموت لسبوتيفاي" لمحاربة الموسيقى المولدة بالذكاء الاصطناعي.
- رغم محاولات المقاطعة السابقة، يقود فنانون أقل شهرة الموجة الجديدة، مفضلين منصات بديلة مثل باندكامب، ويدعم اتحاد الموسيقيين الجهود لدفع الشركات الكبرى لتحمل المسؤولية.
تتزايد الدعوات بين الموسيقيين حول العالم إلى مقاطعة منصة سبوتيفاي للموسيقى، وكان آخرها إقامة سلسلة حوارات بعنوان "الموت لسبوتيفاي" في مدينة أوكلاند الأميركية، جذبت مجموعة كبيرةً من الفنانين حول العالم، لمناقشة "ما يعنيه فصل الموسيقى وإنتاجها والاستماع إليها عن الاقتصادات الرأسمالية"، بحسب تقرير نشرته صحيفة ذا غارديان البريطانية أمس الأحد.
في يناير/كانون الثاني الماضي، أصدرت الصحافية الموسيقية ليز بيلي كتاباً بعنوان "مود ماشين"، الذي قدمت فيه قراءة نقدية لتاريخ شركة البث الموسيقي، معتبرةً أن "سبوتيفاي" أفسدت صناعة الموسيقى وحوّلت المستمعين إلى "مستهلكين سلبيين بلا إلهام"، كما انتقدت نموذج الشركة الذي يقوم على دفع مبالغ هزيلة للموسيقيين.
ومنذ سنوات يشتكي الموسيقيون من ضعف العائدات التي يحصلونها من "سبوتيفاي"، منددين بما يرونه استغلالاً من الشركة لهم. لكنّ غضبهم من المنصة تضاعف في الفترة الأخيرة، خاصةً بعدما تبين أن رئيسها دانيال إيك مستثمر في شركة ألمانية تُدعى هلسينغ تطور تقنيات ذكاء اصطناعي للأغراض العسكرية. وهو الأمر الذي دفع عدداً من الفرق الموسيقية للانسحاب من المنصة، وعلى رأسهم "ماسيف آتاك" البريطانية.
وقالت ستيفاني دوكيتش، التي شاركت في تنظيم "الموت لسبوتيفاي"، إنّ المنصة "متغلغلة في الطريقة التي نتفاعل بها مع الموسيقى"، معلنةً أن المنظمين يهدفون إلى محاربة الاستماع الخاضع للخوارزميات، والموسيقى المولدة بالذكاء الاصطناعي، وسرقة حقوق الملكية الفكرية. من جهتها، قال زميلتها ماناسا كارثيكيان إن مسؤولية ترك "سبوتيفاي" تقع على المستمعين بقدر ما تقع على الفنانين، مضيفةً: "عليك بصفتك مستمعاً أن تتقبل أنك لن تستطيع الوصول إلى كل الموسيقى التي تريدها بشكل فوري".
لكن هل يمتلك الفنانون أو المستمعون الشجاعة لمقاطعة التطبيق على المدى الطويل؟ بحسب "ذا غارديان"، فإنّ عدداً كبيراً من الموسيقيين والمغنين المشهورين سحبوا في الماضي أعمالهم عن "سبوتيفاي"، لكنهم عادوا بعد فترة. أبرز مثال على ذلك هي المغنية تايلور سويفت التي قاطعت التطبيق لمدة ثلاث سنوات احتجاجاً على نظام الدفع غير العادل، لكنها عادت عام 2017. لاحقاً في 2022، انسحب نيل يونغ وجوني ميتشل من المنصة بسبب عقدها الحصري مع مقدم البودكاست الأميركي المناهض للقاحات جو روغان، إلا أن غيابها لم يكن طويلاً أيضاً؟
بالنسبة إلى أستاذ الموسيقى في جامعة تكساس في أوستن إريك دروت، فإن الموجة الجديدة من المقاطعات مختلفة عن سابقتها، إذ يقودها فنانون أقل شهرة، مضيفاً: "كان الفنانون يعرفون أن البث لن يجعلهم أثرياء، لكنه كان يمنحهم فرصةً للظهور أمام الجمهور. أما الآن ومع وجود هذا الكم الهائل من الموسيقى، بدأ الناس يتساءلون عما إذا كان ذلك الظهور مفيداً أصلاً".
ورأى المغني الرئيسي لفرقة هوتلاين تي إن تي ويل أندرسون أن عودتهم إلى المنصة "مستحيلة"، معتبراً أنه "لا معنى لأن يكون عشاق الموسيقى الحقيقيون هناك"، مضيفاً: "هدف سبوتيفاي النهائي هو أن تتوقف عن التفكير بما تستمع إليه"، كما لفت إلى أن عرض ألبوم الفرقة الجديدة "راسبري مون" عبر منصة باندكامب ومن خلال البث المباشر 24 ساعة على "تويتش"، سمح لهم ببيع مئات النسخ وتحصيل آلاف الدولارات. بدورها، قاطعت فنانة البوب والروك كارولاين روز "سبوتيفاي"، وأطلقت ألبومها الجديد "يير أوف ذا سلاغ" على منصة باندكامب أيضاً. قالت المغنية: "أجد أنه من المحبط أن نضع قلوبنا وأرواحنا في عمل، ثم نضعه على الإنترنت مجاناً".
وأكّد المؤسس المشارك لاتحاد الموسيقيين والعاملين في الموسيقى جوي دي فرانشيسكو أن الاتحاد "يدعم بشكل قاطع الفنانين الذين يتخذون مواقف بهدف دفع الشركات الكبرى لتحمل المسؤولية، ومنها سحب موسيقاهم من سبوتيفاي"، لكنّه اعتبر أن أثر المقاطعة الفردية يظلّ محدوداً، مقارنة بالعمل الجماعي. أحد الأمثلة على ذلك نجاح الاتحاد مع مجموعات مؤيدة لفلسطين في الضغط على مهرجان ساوث باي ساوث وست، لإلغاء مشاركة الجيش الأميركي وشركات السلاح من قائمة رعاة المهرجان.
وأشار منظمو "الموت لسبوتيفاي" إلى أن هدفهم النهائي ليس إغلاق التطبيق، بل "أن يفكر الجميع بعمق أكبر في الطريقة التي يستمعون بها إلى الموسيقى"، بحسب ماناسا كارثيكيان، التي أضافت: "حين نحصر أنفسنا داخل منطقة راحة بنتها لنا الخوارزميات، فإننا نحطم جوهر الثقافة نفسها".