استمع إلى الملخص
- تدور القصة حول ديفون، التي تعاني من إدمان الكحول وتعتني بوالدها المريض، وتلحق بشقيقتها سيمون إلى جزيرة منعزلة، حيث تعمل الأخيرة مساعدة شخصية لميكيلا، سيدة مجتمع غامضة.
- يتناول المسلسل قضايا مثل قوة المرأة والطبقية وتناقضات النظام الأبوي، مع تباين شخصيات الحوريات الثلاث: ديفون، سيمون، وميكيلا.
منذ عرضه الأول على "نتفليكس"، استطاع "صفير الرغبة" (Sirens) أن يصبح ضمن أكثر المسلسلات القصيرة متابعة. المسلسل من تأليف مولي سميث ميتزلر، استناداً إلى مسرحيتها Elemeno Pea، يستكشف العلاقات بين النساء في سياق الفوارق الطبقية، ويذهب أبعد من ذلك نحو تفكيك الأنماط الرومانسية التي يحكمها منطق المال والسلطة، بما تحمله من هيمنة وإغواء وأقنعة اجتماعية هشّة.
تبدأ القصة مع ديفون (ميغان فاهي). امرأة مضطربة تعاني من إدمان الكحول وتعيش حالة من عدم الاستقرار النفسي والمالي. تجد نفسها فجأة مسؤولة عن رعاية والدها المريض، فيما تتجاهل شقيقتها الصغرى سيمون (ميلي آلكوك) رسائلها واتصالاتها المتكررة، ما يدفعها إلى اللحاق بها إلى الجزيرة حيث تقيم في قصر فاخر على قمة جرف مطل على البحر، وسط عائلة ثرية ومنعزلة عن العالم الخارجي. تعمل سيمون مساعدة شخصية لميكيلا (جوليان مور)؛ امرأة غامضة وجذابة وسيدة مجتمع تعيش في ظل زوجها الملياردير. داخل منزل آل كيل، تتقاطع مسارات الشخصيات، وتتكشف الرغبات والأسرار والصدمات القديمة. ومع تصاعد الأحداث، يتحول البيت إلى مسرح لصراع رمزي، يعرّي كيف يمكن للسلطة أن تعيد تشكيل العلاقات، وتدفعها إلى تجاوز الحدود الأخلاقية.
عند وصولها إلى الجزيرة، تجد ديفون شقيقتها وقد تغيرت تماماً. أجرت جراحة تجميلية، ترتدي ملابس زاهية كالدمى، وتتصرف بغرابة، مع خضوع كامل لسطوة رئيستها. تحيط بها مجموعة من النساء التابعات اللواتي يتصرفن بتكلف واضح ويتحدثن بطريقة كاريكاتورية. شيئاً فشيئاً، تبدأ ديفون في اكتشاف الأسرار المدفونة، لتجد نفسها غارقة في شكوكها، ما الماضي الذي تخفيه ميكيلا؟ هل سيمون حرة في اختياراتها، أم أسيرة لعبة أكبر منها؟ وراء علاقة الأختين ما هو أعمق مما يظهر على السطح. بعد وفاة الأم في ظروف مأساوية، وجدت ديفون نفسها في موقع الأم البديلة، تحاول الموازنة بين مراهقتها التي لم تعشها ومسؤوليتها تجاه شقيقتها الصغرى. في الوقت نفسه، عليها الاهتمام بوالدها: رجل محطم ومدمن على الكحول، وغارق في اكتئاب لا فكاك منه. هذه الخلفية العائلية تفسر جزئياً تضحية ديفون المستمرة، مقابل سعي شقيقتها إلى الانفصال عن العائلة وبدء حياة جديدة. نجاح سيمون في الوصول إلى جامعة مرموقة ليس مجرد إنجاز دراسي، بل نتيجة مباشرة للتضحيات التي بذلتها ديفون لمنحهما فرصة لم تُتح لها.
لعنوان المسلسل (Sirens) دلالة رمزية؛ الحوريات في الميثولوجيا الإغريقية، المخلوقات الأسطورية، اللواتي يجمعن بين الجمال الفاتن والخطر، يأسرن البحّارة بغنائهن، ويقدنهم نحو الهلاك. هذا البعد الأسطوري ليس مجرد إطار جمالي، بل مفتاح لفهم الشخصيات النسائية في العمل، إذ يحملن مزيجاً من الإغواء والغموض والقوة، ويتركن أثراً عميقاً على من حولهن، خصوصاً الرجال الذين يجدون أنفسهم منجذبين إلى هذا العالم السحري حتى لو ساقهم بعيداً عن حدود العقل والمنطق.
يتأرجح المسلسل بين الكوميديا والتوتر النفسي المتصاعد، وتتباين شخصيات الحوريات الثلاث. ديفون امرأة لم تنشغل كثيراً بأحلام الارتقاء الطبقي، بقدر ما حملت عبء رعاية الآخرين إلى حد الانغماس في دور الضحية. أما سيمون، المنبهرة بعالم النخبة، فتسير في اتجاه مختلف، محاولة إعادة تشكيل ذاتها بما يتلاءم مع هذا العالم الذي دخلته فجأة، وكأنها في سباق لإثبات انتمائها إليه. بينما تجسد ميكيلا الهوس والسيطرة المستترة وراء قناع المثالية؛ شخصية غامضة ودراماتيكية في آن، تحمل ندوب ماضيها الثقيل، وتعيش ضمن شبكة معقدة من النفوذ الذكوري لزوجها الحاضر دائماً بوصفه قوةً خفية تتحكم في مصيرها.
الجزيرة بمناظرها الساحلية الخلابة وعمارتها الفخمة والمدى الممتد بلا نهاية، ليست مجرد خيار جمالي، فتصميم الإنتاج يبرز فخامة المكان وسحره، لكنه يحمل في طياته إحساساً متصاعداً بالقلق والغموض، فالجمال يحمل مخاطره، والسطح يخفي الأعماق المظلمة.
"صفير الرغبة" استكشاف لقوة المرأة والطبقية وتناقضات النظام الأبوي. نساء المسلسل، على اختلاف دوافعهن، يواجهن قسوة الواقع ذاته، ويدفعن أثماناً باهظة في محاولاتهن للتسلق الاجتماعي أو الحفاظ على امتيازاتهن. وفي النهاية، ورغم بعض التذبذب في السرد، يقدم المسلسل تجربة تلفزيونية غنية بالدلالات، تكشف ازدواجية عالم الأثرياء وانعكاس ذلك على النساء، إذ للمال والسلطة اليد العليا في كل شيء.