أظهرت بيانات تتبع سفن النفط حول العالم، ظهور ما يسمى بـ"ناقلات الزومبي" في موانئ الصين محمّلة بالخام، وسط توسّع "أسطول الظل" الذي ينقل النفط المحظور عبر البحار. وكشفت البيانات، وفق تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية، أمس الاثنين، أن الناقلة "إي أم لونغيفيتي" (EM Longevity) التي ترفع علم سنغافورة وصلت إلى ميناء صيني خلال الأيام الأخيرة من الشهر الماضي، محملة بالنفط الخام وجاهزة للتفريغ، رغم خروجها من الخدمة منذ ما يقارب 3 أعوام، بعد أكثر من عقدين من عملها عبر البحار.
ومع توسع أسطول الظل الذي ينقل النفط المحظور حول العالم، تظهر تكتيكات جديدة باستمرار. من بين هذه التكتيكات استخدام ما يسمى بـ"السفن الزومبي"، وهي سفن تحمل هوية سفن شرعية لكن متوقفة عن العمل، ضمن الأدوات المستخدمة من قبل المشغلين للتحايل على القيود المتزايدة، وخداع نظام تتبع السفن المعروف باسم "إيه آي أس".
في هذه الحالة، كانت الناقلة "إي أم لونغيفيتي" عبارة عن ناقلة عملاقة للنفط الخام بُنيت خلال 2000. ووفق السجلات جرى إرسالها إلى مكب للخردة في بنغلاديش في ديسمبر/كانون الأول 2021 بعد انتهاء عمرها الافتراضي. لكن في 23 سبتمبر/أيلول، ظهرت ناقلة تحمل نفس رقم هوية "إي أم لونغيفيتي" في محطة في مدينة داليان بمقاطعة لياونينغ شمال شرق الصين، ثم غادرت الميناء عقب القيام بعملية تفريغ جزئي، وتجاوزت بحر الصين، لترسو في مدينة ينتاي الساحلية في مقاطعة شاندونغ (شرق)، يوم الأحد الماضي، وفق بيانات تتبع السفن والأقمار الاصطناعية.
تُبين ممارسات "أسطول الظل" السابقة أن السفينة في ينتاي ربما تكون استخدمت هوية الناقلة الشرعية "إي أم لونغيفيتي" التي جرى تفكيكها. رغم ذلك، لا يمكن استبعاد الخيار الأقل احتمالاً بأن الناقلة القديمة أُعيد تركيب هيكلها من مكب الخردة، وفق "بلومبيرغ".
وقال يان ستوكبروغر، الباحث في مجموعة أبحاث البنية التحتية للمحيطات في جامعة كوبنهاغن بالدنمارك: "بصرف النظر عما إذا كانت هي السفينة نفسها أم لا؟ لماذا يرغب أي شخص في إعادة تشغيل ناقلة نفط خام عمرها 24 عاماً؟.. يبدو أن هذه السفينة تحاول التظاهر بأنها شرعية فقط، لكي تبحر بعيداً عن المراقبة".
ولا يشير رقم تسجيل "إي أم لونغيفيتي" لدى المنظمة البحرية الدولية هوية المدير أو المالك أو شركة التأمين الحالية في قواعد بيانات تتبع السفن، بما فيها الخاصة ببلومبيرغ. ووفق بيانات خدمة "فيسل تراكر"، وهي قاعدة بيانات للمعلومات البحرية، فإن الناقلة الآن ترفع علم مملكة إسواتيني، التي كانت تعرف في السابق بمملكة سوازيلاند. وذكرت المملكة الأفريقية غير الساحلية أن المئات من السفن تستخدم علمها بدون تصريح منها.
وتكشف النسخة المقلدة من "إي أم لونغيفيتي" علامات أخرى تدل على أنها ضمن أسطول الظل، حيث بدأت في الإبحار عبر مضيق هرمز إلى المياه القريبة من إيران في 11 أغسطس/آب الماضي تقريباً، محملة بنصف حمولتها، وفق بيانات تتبع السفن. وبعد يومين من الإبحار، وصلت إلى منطقة قرب جزيرة خارج الأراضي الإيرانية تحتوي على محطة نفط، وبقيت هناك 3 أيام أخرى، قبل أن تعود عبر الخليج العربي نحو مضيق هرمز. وبحلول نهاية الشهر، كانت السفينة المحملة قد اجتازت مضيق ملقا (في جنوب شرق آسيا بين ماليزيا وجزيرة سومطرة الإندونيسية)، ثم عبرت سنغافورة قبل أن تتجه شمالاً نحو الصين. ومع حلول منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، كانت السفينة قد وصلت بحر الصين بين مقاطعتي لياونينغ وشاندونغ.
ولم ترد شركة "سي أغيليتي"، التي كانت تدير "إي أم لونغيفيتي" في السابق، بحسب قواعد بيانات الشحن، بما فيها الخاصة بخدمة "إكواسيس"، على طلبات التعليق عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف، بحسب تقرير "بلومبيرغ"، الذي أشار إلى أن المصافي الصغيرة التابعة للقطاع الخاص في الصين، والعديد منها يقع في شاندونغ، أصبحت تعتمد بصورة شبه كاملة على النفط الخام الأقل تكلفة من الأنظمة المعرضة للعقوبات خلال السنوات الأخيرة.