غلاء غراس الزيتون عائق أمام تجديد زراعة ريف إدلب الجنوبي

08 فبراير 2025
أحد المشاتل في ريف إدلب، 11 فبراير 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه المزارعون في ريف إدلب الجنوبي تحديات كبيرة في إعادة تشجير أراضيهم بأشجار الزيتون والتين بسبب ارتفاع أسعار الغراس، حيث تكلف الغرسة الواحدة بين خمسة وثمانية دولارات، مما يعيق جهود إعادة الحياة إلى القرى المتضررة.

- يعاني المزارعون من صعوبة زراعة أراضيهم بسبب ارتفاع تكاليف الغراس والسماد والمياه والمبيدات، مما يهدد استمرارية زراعتهم وإعالة أسرهم، حيث يعتبر الزيتون مصدر دخل وإرث تاريخي لهم.

- يطالب المزارعون بدعم حكومي أو منظمات زراعية محلية لتقديم المساعدة في زراعة الأراضي، من خلال توفير غراس مدعومة وإنشاء مشاريع إعادة تأهيل زراعية.

يواجه الأهالي العائدون إلى قراهم في ريف إدلب الجنوبي تحديات كبيرة تضاف إلى دمار منازلهم وانتشار الألغام فيها، وهي ضرورة إعادة تشجير أراضيهم بغراس الزيتون والتين، بعد أن اقتلع نظام الأسد المخلوع الأشجار وباعها حطباً وأحرق ما تبقّى منها في سبيل انتقامه من أهالي تلك القرى المعارضين. ونتيجة الإقبال على شرائها باتت أسعار غراس الزيتون تتجاوز ضعف ما كانت عليه في الأعوام السابقة، إذ ارتفع سعر الغرسة الواحدة بين خمسة وثمانية دولارات، في حين كان سابقاً لا يتجاوز دولارين أو ثلاثة، مما قوض جهود الاهتمام بالزراعة التي تعد مصدراً أساسياً للكثير من العوائل ووقف عائقاً أمام إعادة الحياة إلى تلك القرى.

وقال محمد الشاليش، وهو أحد المزارعين من ريف إدلب الجنوبي، "نعتمد بشكل كبير على أشجار الزيتون التي تمثل رزقنا الوحيد، ولكن مع ارتفاع أسعار الغراس، أصبح من المستحيل أن نزرع الأرض من جديد، فتكلفة إعادة زراعتها تفوق القدرة المالية بكثير". وأضاف أن معضلة زراعة غراس الزيتون والتين لا تتوقف على أسعار الغراس وحسب وإنما فلاحة الأراضي ووضع حفر مناسبة وزراعة الغراس وسقايتها وتغذيتها بالسماد وحمايتها بالمبيدات"، في الوقت الذي يعاني فيه منه الفقر وقلة مصادر الدخل، مشيراً إلى أن النظام البائد قضى على سنوات من الجهد والوقت قضاها في الاهتمام بأرضه وأشجارها التي كانت تدرّ عليه مواسم وفيرة من التين وزيت الزيتون، ولا يعلم إن كان باستطاعته زراعتها والانتظار سنوات طويلة أخرى في الاعتناء بها كي تعطي ثمارها مرة أخرى.

أما يوسف الدامور؛ أحد مزارعي مدينة كفرنبل، فتحدث عن التحديات التي يواجهها قائلاً إنه بعد أن جردت أرضه الغنية بالزيتون من أشجارها بسبب القصف والاقتلاع المتعمد، سارع للعمل على زراعتها من جديد بعد سقوط النظام، لكنه عندما ذهب لشراء الغراس، صُدم بتكاليفها الباهظة، وخاصة أنه بحاجة إلى أكثر من 100 غرسة لزراعة كل دونم واحد، وهذا يتطلّب مبلغاً لا يملكه، ويقول "نحن مزارعون بسطاء، كنا نعتمد على محصولنا لإعالة أسرنا، أما اليوم فنحن بحاجة للإنفاق على الأرض والعائلة معاً". ولفت إلى أن أسعار الغراس ليست وحدها المشكلة، بل حتى السماد وأسعار المياه لسقاية الغراس والمبيدات وحراثة الأرض، كله أصبح مكلفاً، "الزيتون ليس مجرد مورد دخل لنا، بل هو إرثنا وحياتنا، هذه الأرض التي زرعها أجدادنا وورثناها نحن، نفتقدها بسبب الحرب، وضيق الأحوال المادية يجعلنا لا نستطع شراء سوى عدد قليل من الغراس".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وسلّط الدامور الضوء على غياب الدور الفعّال للمنظمات بالقول "في ظل هذه الأوضاع الصعبة للمزارعين العائدين إلى قراهم بعد سنوات من النزوح فقدنا فيها كل مدخراتنا المالية، نحن بحاجة إلى دعم حكومي أو من جمعيات زراعية محلية تقدم مساعدة لزراعة الأراضي من جديد، وخاصة أننا في سباق مع الزمن، ولا بد من الزراعة في وقتها المناسب من السنة لأن ترك الأرض دون زراعة لوقت أقل خصوبة، سيسهم في فشل الزراعة وتأخرها".

من جانبه، يروي حسن الحلوم، مزارع من منطقة الهبيط، مدى الضرر النفسي والمادي الذي سببه اقتلاع أشجار الزيتون ويقول لـ"العربي الجديد" "كان لدي بستان زيتون عمره أكثر من 40 عاماً، مزروع بما يزيد عن 500 شجرة زيتون، زرعه جدي قبلنا، لكن نظام الأسد المخلوع حرمنا منه، إنه ليس مجرد مصدر رزق، بل يمثل تاريخاً وإرثاً، ولا يعوّضه شيء آخر". ويطالب الجهات المعنية بتوفير غراس مدعومة، وإنشاء مشاريع إعادة تأهيل زراعية، وإمداد المزارعين بالأدوات والمستلزمات الزراعية اللازمة، مما يساعد المزارع الذي وجد نفسه عائد لنقطة الصفر ولم يتبق أمامه إلى الاتجاه لفرص عمل أخرى أو الهجرة بحثاً عن مصدر رزق جديد لا يحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة لم يعد يملكها، وسنوات طويلة من الإنفاق قبل أن يصل إلى مرحلة الإنتاج.

المساهمون