عملة ترامب المشفرة.. تحذيرات من مخاطر "فقاعة مالية" بالخليج

04 فبراير 2025
عملة ترامب المشفرة، 19 يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت عملة ترامب المشفرة ارتفاعات قياسية، مما أثار مخاوف من "فقاعة مالية" بسبب تقلبات السوق غير الطبيعية، مع قلق خاص بشأن استنزاف أموال المستثمرين الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي.

- تعتمد بعض العملات المشفرة على أسماء شخصيات بارزة لتعزيز الثقة، مما يعرض المستثمرين لمخاطر عالية بسبب التقلبات وغياب الأسس الاقتصادية، كما حدث في تجارب سابقة في دول الخليج.

- تبرز الحاجة إلى تنظيم صارم ومراقبة فعّالة لمنصات التداول لحماية المستثمرين، مع تعزيز الأمن السيبراني وتعاون دول مجلس التعاون الخليجي لتجنب الخسائر المالية المحتملة.

تشهد عملة ترامب المشفرة ارتفاعات قياسية، ما أثار جدلا حول ما إذا كانت هذه الظاهرة تشكل "فقاعة مالية" قد تستنزف أموال المستثمرين، خاصة شباب دول مجلس التعاون الخليجي، في ظل تسجيل معدلات كبيرة لإقبالهم على العملات المشفرة.

وجاء إطلاق عملة ترامب ضمن فئة ما يسمى بـ "عملات الميم"، وهي عملات رقمية غالبا ما تكون مستوحاة من الميمات والنكات على الإنترنت، وصدرت على سلسلة الكتل (بلوكشين) الخاصة بالعملة المشفرة "سولانا".

وجرى الإطلاق ليل 17 يناير/كانون الثاني الجاري، لترتفع قيمة عملة ترامب من أقل من 10 دولارات وقت الإطلاق إلى 74.59 دولارا بعد يوم واحد، قبل أن تهبط مجددا إلى 37.88 دولارا يوم 24 يناير/كانون الثاني، ما قدم مؤشرا على تقلباتٍ غير طبيعية تنذر بكونها "فقاعة مالية".

يأتي ذلك وسط توقعات بتوسع اهتمام ترامب بالعملات المشفرة استنادا إلى تصريحاته في حملته الانتخابية وتبشير إدارته "بعصر ذهبي" لتلك العملات، بعكس سياسة إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، التي تبنت سياسات تدقيق تنظيمي على تلك العملات، وفقا لما أورده تقرير نشره موقع "فنتك" المختص بالشؤون المالية.

الإقبال على عملة مشفرة جديدة

ومن شأن هذا الدعم المتوقع من الإدارة الأميركية الجديدة أن يسهم في تحفيز الإقبال الكبير للشباب الخليجي على تداول العملات المشفرة، خاصةً الإمارات التي أطلقت منصات تداول مثل BitOasis، ما يسلط الضوء على خطر احتمال الإقبال على مشاريع مشبوهةً تستغل نقص الوعي المالي خاصة لدى فئة الشباب، بحسب التقرير ذاته.

وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، علي أحمد درويش، بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأسواق العالمية شهدت مؤخرا موجة صعود ملحوظة في أسعار العملات الرقمية، لا سيما "بيتكوين" التي تُهيمن على المشهد، إلى جانب عملات مشفرة أخرى، ويعزو ذلك جزئيا إلى استغلال أسماء شخصيات عامة، مثل ترامب أو زوجته في الترويج لتلك العملات، ما يُعطيها زخمًا تسويقيًا مؤقتا.

وبحسب درويش فإن هذه الظاهرة ليست جديدة، إذ اعتادت بعض المؤسسات الاقتصادية ربط العملات المُشفرة بشخصيات بارزة لتعزيز ثقة المستثمرين، دون وجود أساس اقتصادي حقيقي يدعم قيمتها، بحسب درويش، الذي يؤكد أن تداول هذه الأصول الرقمية ينطوي على مخاطر عالية، خاصة مع تعرضها لتقلبات شديدة ناتجة عن غياب أي ضوابط اقتصادية أو مالية تحكم أسعارها.

فقيمة العملات المشفرة قد ترتبط أحيانا بمجرد اسم شخصية مشهورة، دون أي غطاء استثماري أو تجاري ملموس، ما يجعلها أشبه بمقامرة محفوفة بالمخاطر، حسب تقدير درويش، الذي أشار في هذا الإطار إلى تجارب سابقة في دول الخليج العربي، حيث أدت المضاربات غير المدروسة إلى انهيارات حادة في أسعار العملات المُشفرة، تسببت في خسائر فادحة للمستثمرين، وانعكاسات سلبية على الاقتصاد المحلي.

ولذا فإن ضبط هذه السوق يتطلب تعاونا بين الحكومات والمؤسسات المالية، عبر سن تشريعات صارمة لمراقبة منصات التداول، وفرض رقابة إلكترونية فعّالة للحد من التلاعب، حسبما يرى درويش، لافتا إلى دور التوعية في حماية الشباب الخليجي من مخاطر الاندفاع وراء الاستثمارات الوهمية وتوجيههم نحو قنوات استثمارية أكثر أمانا.

توسع العملات الرقمية

ويخلص درويش إلى أن التعامل مع العملات المشفرة يجب ألا يتحول إلى "مقامرة عشوائية" تُهدد الاستقرار المالي للأفراد والدول على حد سواء، ما يستدعي يقظةً أكبر من قبل الجهات الرقابية في دول مجلس التعاون الخليجي.

اختراقات محتملة

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، رائد المصري، بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن فكرة اعتماد العملات المشفرة باتت مطروحة بشكل جاد على مستوى البنوك المركزية، لا سيما مع الدعم القوي الذي يقدمه ترامب لهذا التوجه، وهو تحول يهدف إلى خفض تكاليف التسديد والمعاملات المالية التي تستهلك موارد كبيرة عند استخدام الوسائل التقليدية.

ومن المتوقع أن يساهم اعتماد العملات المشفرة في توفير مبالغ ضخمة تقدر بـ 120 مليار دولار تُنفق حاليا في عمليات تسديد الفواتير والديون عبر القنوات التقليدية، بحسب المصري، مشيرا إلى أن هكذا خطوة، حال حدوثها، قد تحدث تحولا جذريا في التعاملات المالية العالمية، لكنها لا تزال تفتقر إلى الاعتراف الرسمي كعملة ثابتة يمكن التعامل بها بثقة على المستوى الدولي.

وتثير مثل هذه التحولات مخاوف كبيرة في دول الخليج، لا سيما مع ارتباطها المباشر بحركة التكنولوجيا وقطاع الشباب اللذين يعتمدان على الابتكارات الرقمية، ولذا يحذر المصري من أن عدم إضفاء الصبغة الرسمية على العملات المشفرة، وغياب التنظيم الكامل لها في البنوك المركزية، خاصة البنك الفيدرالي الأميركي، قد يعرض منطقة الخليج لاختراقات مالية واسعة.

فالبيئة المالية الجديدة تتطلب تفعيل آليات الأمن السيبراني بشكل استباقي لتجنب الخسائر المالية التي قد تصل إلى مليارات الدولارات، نتيجة أي ثغرة أو اختراق محتمل، بحسب المصري، مشيرا إلى أن العالم يواجه واقعا رقميا متسارع التطور، يصعب التنبؤ بمدى استقراره أو ديمومته، خاصة مع التوجه الأميركي المعلن نحو إطلاق عملات مشفرة تحت مظلة سياسية واضحة.

ويخلص المصري إلى ضرورة توخي مجلس التعاون الخليجي الحذر تجاه ما يحاك خلف الكواليس من محاولات لنهب الأموال عبر أساليب متجددة تستغل الثغرات التشريعية والتقنية، مشددا على أهمية تعاون دول المجلس لتعزيز أنظمتها السيبرانية تجنبا لـ"تبعات أي قرارات متسرعة في هذا الملف الشائك" حسب تعبيره.

المساهمون