صفعة المقاطعة... كنتاكي وبيتزا هت تغادران تركيا وإفلاس المُشغل المحلي

18 فبراير 2025
مبيعات "كنتاكي" و"بيتزا هوت" في تركيا بفعل المقاطعة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انسحبت سلاسل مطاعم أمريكية مثل "كنتاكي" و"بيتزا هت" من تركيا بعد إفلاس المشغل "إيش غيدا"، نتيجة لمقاطعة المستهلكين الأتراك للمنتجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى إغلاق أكثر من 530 فرعاً.
- تراجعت مبيعات الشركات الداعمة لإسرائيل بأكثر من 50%، وتعرضت المنتجات الإسرائيلية لخصومات كبيرة لتصريفها، مما يعكس تأثير المقاطعة على السوق التركية.
- تسببت المقاطعة في تسريح آلاف العمال وأثرت على شركات مثل "ستاربكس"، وأجبرت "زورلو" القابضة على بيع حصصها في شركات إسرائيلية، مع استمرار تأثير المقاطعة.

بدت المقاطعة مؤلمة إلى حد كبير بالنسبة لسلاسل مقاه ومطاعم أميركية شهيرة في تركيا، على رأسها "كنتاكي" و"بيتزا هت"، اللتان اضطرتا إلى الانسحاب من السوق وإغلاق مئات الفروع، فيما أفلس المشغل التركي لهما بعد تكبده خسائر تجاوزت 7.7 مليارات ليرة (212.4 مليون دولار)، ما أثار ردود فعل واسعة في السوق حول صدى مقاطعة منتجات الدول والشركات والعلامات التجارية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي رداً على العدوان على غزة.

ويجمع مراقبون أتراك، على أن المنتجات الإسرائيلية وسلع الشركات الداعمة للاحتلال، تلقت "صفعة" كبيرة بيد المقاطعة، وربما المثال الأوضح والمتداول في تركيا اليوم، هو إعلان شركة "يام براندز" الأميركية المالكة لـ"كنتاكي" و"بيتزا هت"، الانسحاب من السوق وإيقاف امتيازها لشركة "إيش غيدا" (İş gıda) التركية التي تشغل وتدير السلسلتين، الأمر الذي أدى بحسب المحلل التركي، باكير أتاجان إلى إغلاق أكثر من 530 فرعاً بعموم الولايات التركية.

ويقول أتاجان مدير أكاديمية الفكر للدراسات الاستراتيجية وهي مركز أبحاث مقره إسطنبول، لـ"العربي الجديد" إن صاحب شركة "إيش غيدا" أعلن إفلاسه أمام الحكومة التركية، طالباً تصفية الحسابات بعد أن زادت الديون والخسائر، معتبراً أن هناك أسباباً عدة وراء إعلان إفلاس رجل الأعمال الشهير الكيم شاهين، ولكن على الأرجح مقاطعة المستهلك التركي في المقدمة.

ويضيف أن مبيعات الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، تراجعت بشكل كبير منذ بدء العدوان على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ولم تتوقف حتى اليوم، رغم وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لأن المزاج العام للمستهلكين، شكل نفوراً من سلاسل مطاعم ومقاه مثل "كنتاكي" "بيتزا هت" و"ستاربكس"، مؤكداً أن تراجع المبيعات يتجاوز 50% في معظم تلك المحال والسلاسل والفروع التركية.

وخلال تجربة قامت بها "العربي الجديد" في إسطنبول، من خلال طلب وجبات جاهزة، من تلك العلامات التجارية عبر ما يسمى YEMEK SEPETİ (موقع لطلب الوجبات) تعذر الحصول على إكمال الطلب والاعتذار من الزبون بتحقيق طلبه بإيصال الوجبة. كما طاولت المقاطعة منتجات استهلاكية إسرائيلية، حيث جاب "العربي الجديد" بعض فروع سلاسل تجارية شهيرة "يوز بير أي 101" فوجد عروضاً لمساحيق غسيل ومكعبات ماكينات غسل الأطباق وغيرها من المنتجات الإسرائيلية، تباع باقتطاعات وخصومات تزيد عن 80%، ولدى السؤال عن كيف تدخل هذه المنتجات رغم وقف التبادل التجاري مع دولة الاحتلال، كانت الإجابات المتطابقة أن هذه المنتجات مخزنة ويضطر التجار لبيعها بعروض رخيصة كي تنفد بعد مقاطعة السلع الإسرائيلية "بشكل شبه كامل في تركيا"، واستمرار مقاطعة السلع والمنتجات للشركات العالمية الداعمة للاحتلال، وذلك رغم "ملامح الحل ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى".

ويستبعد المحلل التركي إسلام أوزجان أن تكون السلع والمنتجات الإسرائيلية قد دخلت الأسواق، بعد قرار المقاطعة الكاملة ووقف التبادل بين بلاده وإسرائيل، فهي بضائع قديمة ومكدسة بدليل فساد الغذائي منها وانتهاء صلاحيته مثل "البوظة" (نوع من المثلجات)، كما أن بعض أنواع السلع مثل الـ"نسكافيه" تباع بأقل من 20% من سعرها السابق ومساحيق الغسيل، ولكن لا يوجد إقبال عليها، نافياً في الوقت نفسه أن يكون إدخال تلك السلع تم عبر التهريب من دول الجوار مثل اليونان، كما روّجت بعض مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً.

وكانت تركيا قد قطعت كامل العلاقات التجارية مع إسرائيل، في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، معلنة وقفا كاملا للتعاملات التجارية مع دولة الاحتلال، إلى حين السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بلا قيود. وأكدت وزارة الاقتصاد التركية أن قرارات قطع العلاقات الاقتصادية، جاءت في مرحلة ثانية، بعد إجراءات تقييد تصدير 54 منتجاً في الشهر السابق لقرار وقف التعاملات تماماً، مؤكدة تطبيق القرارات "بشكل صارم وحاسم حتى يتم وقف إطلاق النار وتسمح إسرائيل بدخول المساعدات إلى غزة من دون انقطاع".

وحول أثر إغلاق "السلاسل التجارية" الشهر الجاري، يقول المحلل الاقتصادي التركي إسلام أوزجان لـ"العربي الجديد" إن مشكلة تسريح أكثر من سبعة آلاف عامل بعد إغلاق مئات الفروع، هي ما يشغل مواقع التواصل والشارع التركي حالياً، يضاف لهم عمال آخرون وكثيرون، بعد تقليل العمالة بمحال وسلاسل أخرى مثل "ستاربكس"، كاشفاً أن المحال التي أغلقت، كانت قبل سنوات الحرب الإسرائيلية على غزة "من أكثر المحال شهرة في تركيا وبين أوساط الشباب" سواء "كنتاكي" أو "بيتزا هت" اللتان دخلتا السوق التركية قبل خمس سنوات عبر شركة "إيش غيدا" ولاقت توسعات كبيرة وانتشاراً في معظم الولايات التركية الكبرى، لافتا إلى أن "نشاط شركة إيش غيدا لم يقتصر على المطاعم وتقديم الوجبات الجاهزة، بل دخلت مجالات أخرى واستحوذت على شركات تركية لكنها اليوم تعلن إفلاسها".

ويشير المحلل التركي إلى أن السبب المباشر "أو المعلن للتبرير" بإنهاء شركة "يام براندز" عقد الامتياز مع "إيش غيدا" هو عدم التزام المشغل التركي بمعايير التشغيل والجودة، حيث قال المدير المالي للشركة كريس تورنر، إن شركته قدمت دعماً مستمراً للمشغل التركي لكنه فشل في تحسين أدائه، مضيفاً أن مبيعات "كنتاكي" و"بيتزا هت" في تركيا كانت أقل بكثير من المعدل العالمي، مما جعل استمرار النشاط غير مجد اقتصادياً، معرباً عن اعتقاده بأن "هذا عذر"، لكن السبب هو تراكم تداعيات المقاطعة وإحجام المستهلك التركي.

وبحسب مصادر إعلامية، تم إحصاء عدد الفروع التي أغلقت بعد إعلان الإفلاس، بنحو 537 فرعاً والعمالة التي تم تسريحها نحو سبعة آلاف عامل لم يتقاضوا أجورهم منذ يناير/كانون الثاني الماضي، الأمر الذي دفع محكمة إسطنبول التجارية الأولى إلى منح "إيش غيدا" مهلة ثلاثة أشهر لحل أزمتها، كما تم تعيين مفوضين قضائيين للإشراف على إدارة أصول الشركة وسط توقعات بتصفية أصولها لسداد الديون المتراكمة.

يرى المحلل الاقتصادي طه عودة أوغلو، أن آثار المقاطعة كانت تراكمية ومؤثرة حول العالم وليس في تركيا فقط، وأن خسائر الشركات العالمية التي تدعم إسرائيل بالمليارات، بعد تراجع المبيعات إلى أكثر من 50% في معظمهم، سواء في المنطقة العربية أو الدول الآسيوية والأفريقية.

ويضيف عودة أوغلو لـ"العربي الجديد" أن الضغوط الكبيرة من الشارع التركي والاحتجاجات أثمرت، وكانت النتائج إغلاق شركات كبرى وإعلان إفلاس، كما طاولت الضغوط شركات تركية اتهمت بكسر العقوبات "مجموعة زورلو" بعد اتهامها بنقل الكهرباء لدولة الاحتلال.

وشهدت الشركات المتعاملة مع إسرائيل ضغوطاً غير مسبوقة، إذ أجبرت الاحتجاجات والضغوط الشعبية مجموعة "زورلو" القابضة للطاقة (أكبر مستثمر تركي في إسرائيل) على بيع حصصها في ثلاث شركات إسرائيلية، لتنهي استثمارات بقيمة مليار دولار.

وحول إمكانية عودة العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل، بعد توقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، يشير عودة أوغلو أن الموضوع بدأ يطرح الآن من أصحاب بعض الشركات، ولكن لم يزل غير مطروح رسمياً، رغم التقارب التركي الأميركي وما يقال عن وساطة واشنطن لعودة العلاقات، ولكن على الأرض وبشكل رسمي، نرى العكس، لم تزل شركات تركية وخارجية تعاني من آثار المقاطعة.

وتقول مصادر تجارية لـ"العربي الجديد" إن التبادل مع إسرائيل تراجع للحدود الصفرية، خلال الربع الأخير من العام الماضي، في حين كانت قيمة التجارة المتبادلة تقدر بنحو 6.8 مليارات دولار في 2023، وفق معهد الإحصاء التركي الرسمي، منها 76% صادرات تركية.

المساهمون