توجه أردني لاستكشاف النفط والغاز والمعادن في مناطق عدّة
استمع إلى الملخص
- أطلقت شركة البترول الوطنية خطة استثمارية بـ3.6 مليارات دولار لتطوير حقل الريشة حتى 2050، بهدف رفع إنتاج الغاز الطبيعي وتقليل الاعتماد على الواردات.
- تسعى الخطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول 2030، وخلق فرص عمل، وتعزيز الصناعات الوطنية، مع دعم حكومي قوي وشراكات دولية لتحقيق النجاح.
بدأ الأردن تنفيذ خطوات مكثفة لاستكشاف النفط والغاز والمعادن في مختلف مناطقه في ضوء مؤشرات أولية تدعم احتمالية وجود جدوى اقتصادية في بعض الأماكن، وخاصّة للغاز الطبيعي، ما يشكل في حال الوصول إلى الكميات المستهدفة رافعة للاقتصاد الأردني الذي يعاني من صعوبات مالية نتيجة لقلة الموارد المحلية وارتفاع الضغوطات على الموازنة العامة لتلبية متطلبات الإنفاق ومواجهة تداعيات الظروف الإقليمية.
والخميس الماضي، وقعت شركة البترول الوطنية اتفاقية استراتيجية مع الشركة الكويتية للحفريات لتنفيذ مشروع حفر 80 بئراً جديدة في حقل الريشة الغازي بكلفة إجمالية تبلغ 174 مليون دولار، وذلك وفق نظام تسليم المفتاح خلال فترة تمتد لأربع سنوات، وقال وزير الطاقة الأردني صالح الخرابشة إنّ الاتفاقية تشكل محطة مهمة في مسيرة التنمية الاقتصادية في المملكة، مشيراً إلى أنّ المشروع يمثل رافعةً رئيسية لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني بما يتوافق مع رؤية التحديث الاقتصادي.
وأضاف الخرابشة في تصريح صحافي عقب التوقيع، أن الوزارة ماضية في دعم جهود الاستكشاف والتطوير في مختلف مناطق المملكة وأن هناك توسعاً في مجال حفر الآبار من خلال الوزارة والشركات العاملة، إذ وصلت المناطق المستهدفة بالعمل إلى 9 مناطق من أصل 12، آملاً أن تقود هذه الجهود إلى نتائج إيجابية تسهم في تحقيق مستهدفات القطاع في رؤية التحديث الاقتصادي.
مراحل إنتاج الغاز في الأردن
إلى ذلك، قال الخبير في قطاع النفط والغاز هاشم عقل لـ"العربي الجديد" إنّه وفي خطوة استراتيجية لتعزيز الأمن الطاقي ودعم الاقتصاد الوطني، أطلقت شركة البترول الوطنية الأردنية (NPC) خطة استثمارية طويلة الأمد لتطوير حقل الريشة الغازي في شرق الأردن، باستثمارات تُقدر بـ3.6 مليارات دولار (2.53 مليار دينار أردني) تمتد حتّى عام 2050. الخطة، التي تتضمن حفر 145 بئراً جديدة بحلول عام 2030، تهدف إلى رفع إنتاج الغاز الطبيعي من 75 مليون قدم مكعبة يومياً إلى ذروة 500 مليون قدم مكعبة يومياً بحلول عام 2034، ما يُساهم في تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الصناعات المحلية.
وتتضمن الخطة الاستثمارية بحسب عقل مراحل زمنية محددة لتحقيق أهداف الإنتاج، ففي 2025، يتوقع زيادة الإنتاج إلى 78 مليون قدم مكعبة يومياً مع إكمال 10 آبار إضافية. وفي 2029 يتوقع الوصول إلى 150 مليون قدم مكعبة يومياً بحفر 70 بئراً، بما في ذلك 26 بئراً تطويرية، وفي 2030 سيجري تحقيق 418 مليون القدم مكعبة يومياً مع إكمال 145 بئراً إجمالياً، بينما سيجري الوصول إلى ذروة الإنتاج في 2034، بالوصول إلى 500 مليون قدم مكعبة يومياً، مع الحفاظ على هذا المستوى على المدى الطويل.
وقال إنّ الخطة تشمل بناء بنية تحتية متكاملة، مثل خط أنابيب رئيسي بطول 320 كيلومتراً بطاقة تصل إلى 500 مليون قدم مكعبة يومياً، ومحطة معالجة غاز جديدة بحلول 2027، بالإضافة إلى محطات ضغط لتحسين استخراج الغاز من الاحتياطيات العميقة. وتُظهر الدراسات أن حقل الريشة يحتوي على احتياطيات مؤكدة تُقدر بـ11.99 تريليون قدم مكعبة، مع إمكانية استخراج 4.675 إلى 6.35 تريليونات قدم مكعبة بناءً على معامل استخلاص يبلغ 39%.
كما تؤكد تقارير وزارة الطاقة والثروة المعدنية، أن الاستثمار في الحقل يتمتع بجدوى اقتصادية عالية، إذ يُساهم في تقليل تكاليف الطاقة للصناعات بنسبة 30% مقارنة بالوقود الثقيل، و55% مقارنة بالغاز المُسال، و60% مقارنة بالديزل، كما يدعم الخطة التمويل الحكومي بقيمة 87 مليون دينار في 2024، إلى جانب إيرادات بيع الغاز التي ستغطي التكاليف وتحقق فائضاً مالياً.
وقال الخبيرعقل، إنّ "الخطة تسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بحلول 2030، ما يقلل الاعتماد على الواردات التي تشكل حالياً 91% من احتياجات الأردن الطاقية، كما ستخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، خاصة في المناطق الشرقية، وتعزز القدرة التنافسية للصناعات الوطنية مثل البتروكيماويات والتعدين. وتتضمن الرؤية المستقبلية تصدير الفائض عبر خط الغاز العربي، وتطوير صناعات تحويلية مثل إنتاج الأمونيا والبوليمرات، ما يزيد القيمة المضافة للاقتصاد الأردني"، وأوضح أنه ورغم الآفاق الواعدة، تواجه الخطة تحديات مثل ضرورة ضمان استمرارية التمويل وإدارة الشراكات الدولية بعناية، خاصة بعد تجربة غير ناجحة مع شركة "بي بي" بين 2010 و2014، كما يتطلب المشروع دراسات تسويقية لجذب المستثمرين وضمان استيعاب السوق للإنتاج المتزايد. ومع ذلك، فإنّ الدعم الحكومي القوي، والشراكات مع شركات عالمية، والدراسات الجيولوجية المتقدمة تعزّز من فرص نجاح الخطة.
وتعد خطة تطوير حقل الريشة جزءاً من رؤية التحديث الاقتصادي الأردنية، إذ تسعى إلى تحويل الأردن إلى مركز إقليمي لنقل الطاقة. ومع استكشاف مناطق جديدة مثل شرق الصوافي، وتطوير تقنيات لتحسين معامل الاستخلاص، يتوقع أن يبقى حقل الريشة ركيزة أساسية للأمن الطاقي والنمو الاقتصادي حتى عام 2050 وما بعد، وقال عقل إنّ هذه الخطة الطموحة تمثل فرصة ذهبية للأردن لتحقيق الاستقلالية الطاقية وتعزيز مكانته في المنطقة، في ظلّ عالم يتجه نحو الطاقة المستدامة والاقتصادات التنافسية.
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة البترول الوطنية المهندس ليث القاسم إنّ المشروع يأتي استمراراً لجهود شركة البترول الوطنية في تطوير حقل الريشة الغازي من خلال تنفيذ دراسات للمخزون وحفر المزيد من الآبار بهدف رفع معدلات الإنتاج وزيادة نسب النجاح في عمليات الحفر، مشيراً في تصريحات إعلامية، إلى أن الشركة الكويتية للحفريات كانت قد أنهت مؤخراً حفر 10 آبار جديدة بالنظام ذاته، وقدّمت أداءً متميزاً خلال تنفيذها للمشروع السابق.
ويُنفذ المشروع بتمويل ذاتي من شركة البترول الوطنية من خلال إيرادات مبيعات الغاز، إلى جانب دعم حكومي بقيمة 87 مليون دينار، ضمن خطة الشركة الإستراتيجية الرامية إلى رفع مستويات الإنتاج وزيادة مساهمة الغاز المحلي في خليط الطاقة الوطني، وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي عبر إحلال الغاز الوطني محلّ المستورد، بما يعزز أمن التزود بالطاقة، وحصلت الشركة الكويتية للحفريات على العطاء بعد منافسة مع عدد من الشركات، إذ حصلت على الترتيب الأول فنياً ومالياً في التقييم النهائي. ومن شأن الاكتشافات المتوقعة للغاز أن تعزّز أمن التزود بالطاقة وتقليل الاعتماد على المصادر الخارجية وتجنّب التوترات التي تؤثر على أسعار النفط والغاز واحتمال انقطاعه.
(الدينار الأردني= 1.41 دولار)