إقبال مصري على الذهب رغم قفزاته السعرية

03 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 05:39 (توقيت القدس)
متجر ذهب في مصر (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يشهد الذهب ارتفاعات كبيرة في أسعاره مع توقعات بوصول الأونصة إلى 4,000 دولار، لكن الخبراء يحذرون من فقاعة سعرية محتملة وينصحون بالتحوط والشراء خلال فترات التصحيحات الفنية.

- تتأثر الأسواق المالية بالتوترات الجيوسياسية، مما يؤدي إلى تراجع الاستثمارات وظهور فجوة سعرية للدولار، بينما يتجه المستثمرون نحو الذهب كملاذ آمن رغم المخاطر.

- ينصح الخبراء بتنويع المحفظة المالية لتقليل المخاطر، من خلال تضمين شهادات الادخار البنكية والأسهم والسندات والعملات الرئيسية، خاصة في ظل الأجواء الضبابية في الأسواق.

بين جموح الذهب وصعود تاريخي للفضة وتراجع حقيقي بقيمة الاستثمارات في بورصة الأوراق المالية المصرية، وعودة الفجوة السعرية للدولار في البنوك عن تداوله في الأسواق، والركود الظاهر في السوق العقاري، يحذر خبراء اقتصاد من صدمات مالية عنيفة في ظل التوترات الجيوسياسية حول العالم والتي أصبحت تؤثر بشدة على الأسواق المحلية والعربية.

وشدد الخبراء على عدم الانجراف الشديد وراء شراء الذهب، بكميات مغالى بها، طمعا في تحقيق أرباح كبيرة من عوائد البيع، وذلك خلال فترة الصعود الحالية التي يتوقع البعض أن تصعد قيمة الأونصة، لما يزيد عن 4 آلاف دولار رغم وجود توقعات بأن ييتجاوز 6 آلاف دولار خلال العامين المقبلين، مؤكدين أن النمو الهائل في سعر الذهب قد يفجر فقاعة سعرية شديدة، خلال الفترة المقبلة.

قفزات الذهب

توقع بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي، أمس الخميس، استمرار ارتفاع أسعار الذهب حتى لمستويات تتجاوز تقديراته، مشيرًا إلى تزايد اهتمام المستثمرين من القطاع الخاص، رغم صعود الأسعار بحوالي 50% خلال العام الحالي حتى الآن. وأوضح محللو البنك في مذكرة للعملاء أن التدفقات القوية المفاجئة لصناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب تجاوزت تقديرهم السابق، وفق "بلومبيرغ".

وأضافوا أن إمكانية تنويع المستثمرين الأفراد لاستثماراتهم بصورة كبيرة في الذهب تمثل خطرًا كبيرًا على توقعاتهم بوصول سعر الأوقية إلى 4 آلاف دولار في منتصف العام المقبل، و4300 دولار بنهايته. وتوقع البنك في السابق اقتراب المعدن الأصفر من مستوى 5 آلاف دولار للأوقية في حال تدفق 1% فقط من السوق الخاصة لسندات الخزانة الأميركية إلى الذهب. وارتفعت أسعار الذهب بحوالي 12% منذ التاسع والعشرين من أغسطس/ آب الماضي مسجلة مستويات قياسية جديدة، مما يجعل المعدن النفيس من أقوى السلع الأساسية أداءً.

عوائد سريعة

شهدت الأسواق المصرية إقبالًا كبيرًا على شراء الذهب رغم قفزاته السعرية، إذ اعتبره الكثيرون ملاذًا آمنًا لمدّخراتهم في ظلّ مخاوف من الفقاعة العقارية وتراجع سعر الدولار. وحول قفزات الذهب وجموح المستثمرين والمواطنين نحوه، عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية بالقاهرة هذا الأسبوع، ندوة مهمة بعنوان" نظرة على الأسواق المالية، خلال الربع الثالث من عام 2025"، حيث قدم عدد من الخبراء رؤى تحليلية، ونصائح عملية للمستثمرين والمتعاملين في سوق الذهب والعملات.

أشار الخبراء إلى خطورة النظر إلى الذهب مصدراً للعوائد السريعة، ولكونه نوعا من التأمين ضد تقلبات الأسواق وارتفاع التضخم، مشدداً على أن الارتفاعات التي شهدها الذهب في الفترة الأخيرة، تعود جزئيا إلى تراجع سقف المخاطر، ولكن التصحيحات المؤقتة غير مستبعدة. ويفضل الخبراء الدخول للشراء أو التوسع في فترة التصحيحات الفنية بدلاً من المقامرة بالدخول إلى أعلى المستويات، وفي حال ممارسة الشراء، على فترات، ينصح بالتدرج، وفي شكل أجزاء على مراحل، لتجنب المخاطرة من صدمة تصحيحية مفاجئة، مع تفضيل الاحتفاظ بالذهب لفترات متوسطة إلى طويلة، تمتد عدة أشهر وإلى سنوات، خاصة إذا كان الهدف تحوطيا بعيد الأجل.

في هذا الصدد، أوضح خبير أسواق المال عمر الشنيطي، أن ربحية الذهب مرتبطة بشكل عكسي مع قوة الدولار المتراجع أمام العملات الرئيسية، وأسعار الفائدة الحقيقية، والتي تتجه نحو الهبوط التدريجي بكافة الأسواق الدولية والمحلية، مع زيادة التسيير في السياسات النقدية، مؤكدا أن صعود أونصة الذهب حاليا إلى ما فوق 3900 دولار للأوقية مؤشر على هيمنة الأجواء الضبابية على الأسواق، الأمر الذي يدفع المستثمرين إلى شرائه لكونه ملاذا آمنا، الأمر الذي قد يدفعه إلى أرقام كبيرة جدا تستدعي الحذر في المخاطرة بالشراء.

وقال الخبير الاقتصادي ومستشار رئيس الوزراء محمد فؤاد إن صعود أسعار الذهب إلى المستويات القياسية الحالية، مدفوع بفكرة تحوط البنوك المركزية والمستثمرين في مواجهة حالة التوتر الجيوسياسي وتراجع الدولار أمام العملات الرئيسية، مع ذلك لم يصل إلى المستويات التاريخية التي بلغها أثناء الأزمة المالية العالمية عام 2008، والتي شهدت انهيار مؤسسات مالية كبرى حول العالم. ونوه إلى أن الذهب مر بتحولات أكثر عنفا في بداية السبعينيات، عندما أنهت الولايات المتحدة ربطه بالدولار، ويمكن أن يشهد ارتفاعا إلى مستويات فوق 4000 دولار، خلال الأيام المقبلة.

تنويع المحفظة المالية

نصح رئيس البورصة وهيئة الرقابة المالية الأسبق شريف سامي، الراغبين في الإقبال على الذهب، بعدم تخصيص جزء كبير من المحفظة المالية لشرائه، بل جعله جزءا من مزيج متنوع، يعتمد على شراء شهادات الادخار البنكية ذات العائد الثابت، التي توفر له الدخل الشهر والأمان النسبي، مؤكدا أن عوائدها ستظل ذات قيمة مرتفعة، مع رغبة البنك المركزي في الحفاظ على قيم أعلى للفائدة عن الأسواق العالمية، تمكن الحكومة من الاستمرار في جذب الأموال الساخنة، التي تبحث عن فرص استثمارية أعلى من عوائد الفائدة التي تصل حاليا ما بين 24% و25%، بعائد حقيقي يعد من المستويات الأعلى عالميا.

في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" يشدد سامي على جعل المغامرة في شراء الذهب جزءا من مزيج متنوع يسهم الأسهم والسندات والعملات الرئيسية بحيث لا تتعرض المحفظة لمخاطر انقلاب واحدة في السوق، في ظل أجواء عدم اليقين التي تسود أسواق المال، والتي أدت تراجع شديد في البورصات الخليجية وتذبذب الأداء بالبورصة المحلية.

وقال سامي إن ارتفاع الذهب عالميا لا يعود فقط لضعف الدولار، بل أيضا لزيادة مشتريات البنوك المركزية في آسيا وبخاصة الصين، بما رفع الطلب على المعدن الأصفر، بنسبة 23% خلال العام، وفقا لتقارير مجلس الذهب العالمي، موجها انتقادا للجهات الرسمية وغيرها التي تروج لصناديق الاستثمار في الذهب بمصر رغم أنها أداة غير منتجه اقتصاديا ولا يوجد ما يبرر دعمها غير المسبوق، مقارنة بصناديق الاستثمار أو أدوات التمويل الأخرى التي تدفع الاقتصاد والنمو. ونصح الخبراء المتعاملين بعدم الاندفاع وراء شراء الدولار دفعة واحدة، والتدرج في اقتنائه على فترات لتخفيف أثر التقلبات المفاجئة، وعدم الاندفاع وراء صعوده في سوق التداول، أملا في ارتفاعه بسرعة.

المساهمون