استمع إلى الملخص
- يتميز أسلوب مدحت بالتحرر من السرد التقليدي، مما يتيح للمتلقي تجربة حسية شخصية دون تفسير نهائي، حيث تتفاعل الشخصيات مع محيطها باندماج العضوي والمتخيل.
- يشكل المعرض بداية علنية لمشروع مدحت التشكيلي، مع التركيز على التجريب والانتباه للتفاصيل الحسية، دون الاعتماد على مرجعيات ثابتة.
تحت عنوان "كلّ هذا في الداخل"، يقدّم الفنان التشكيلي المصري محمد مدحت (1996)، معرضه الفردي الأول في "غاليري آزاد" بالقاهرة. افتُتح المعرض مساء الثلاثاء 29 إبريل/ نيسان الماضي، ويستمر حتى الخامس عشر من مايو/ أيار الجاري، ويضم مجموعة من اللوحات التي تعكس توجهًا نحو التعبير عن الداخل الإنساني، لا بوصفه حالة شعورية فقط، بل كمساحة مرئية يمكن اقتراحها من خلال اللون والتكوين والعلاقة بين العناصر.
تظهر في أعمال محمد مدحت ملامح أسلوب بصري يتّسم بالتحرر من الشكل الواقعي، حيث تندمج الأجساد مع رموز وأشكال أقرب إلى الكائنات الهجينة أو الرمزية. في كثير من اللوحات، نرى امتدادًا للجسد نحو ما يشبه الصوت أو الحركة أو الذكرى، باستخدام خطوط متدفقة وألوان مشبعة توحي بإيقاع داخلي. الشخصيات لا تُرسم كذوات مستقلة، بل ككائنات مفتوحة على محيطها، يختلط فيها العضوي بالمتخيل، والمادي بالوجداني.
لا يسعى هذا النوع من المعالجة البصرية إلى تقديم سرد واضح أو بنية موضوعية تقليدية، بل يعتمد على خلق مناخ عام يسمح للمتلقي بأن يدخل في علاقة شخصية مع العمل، دون الإحساس بوجود تفسير وحيد أو نهائي. لوحة محمد مدحت هنا ليست وثيقة، ولا تعليقًا، بل تجربة حسية تُبنى على الانفعال والارتباط غير المباشر بالمعنى.
في تصريح للفنان، أشار إلى أن هذا المعرض يشكّل أول محاولة له لـ"رسم الداخل كما يشعر به"، وليس كما يُتوقع منه أن يُرى. بالنسبة له، الجسد ليس موضوعًا تشكيليًا بقدر ما هو حقل لتراكم الأثر، وحضور للذاكرة، ومحرك للإيقاع البصري.
تُعرض الأعمال في فضاء يتيح للزوار التأمل الفردي بعيدًا عن التوجيه أو الشرح، ويبدو ذلك مقصودًا ضمن مناخ المعرض الذي لا يقدّم عناوين تفسيرية مطوّلة أو إطارات تحليلية مسبقة. المتلقّون مدعوُّون لمواجهة العمل كما هو، بكل ما يثيره من تساؤلات، أو ارتباك، أو انفعال، دون انتظار أجوبة جاهزة.
هذا المعرض يمثل بداية علنية لمشروع محمد مدحت التشكيلي، بعد مشاركات جماعية سابقة. ورغم أنه لا يسعى لطرح موقف فني محدد أو بيان نظري مصاحب، إلا أن ما يقدّمه يشي بوعي بالتجريب والانتباه للتفاصيل الحسية، ومحاولة فتح مساحة للتعبير لا تعتمد على المرجعيات الثابتة.