استمع إلى الملخص
- نقص التقدير والاعتراف بالفائزين: الجائزة لم تنجح في تسليط الضوء على الفائزين بها، حيث لم يتمكن أي فائز من أن يصبح اسماً معروفاً في الساحة الثقافية، مما يثير تساؤلات حول فعاليتها.
- خطط الإصلاح المستقبلية: هناك مساعٍ لتحسين الجائزة تشمل رفع قيمتها المالية وتوفير فرص تكوين ودعم للفائزين، مع تعزيز الترويج وزيادة تأثيرها في المشهد الثقافي.
تشهد جائزة رئيس الجمهورية لإبداعات الشباب في الجزائر، الأقل من 35 عاماً، دورتها التاسعة عشرة، ذلك أنها أقرّت بمرسوم رئاسي عام 2006، أي شهوراً قبل انطلاق تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"؛ لتكون "حاضنة للشباب الموهوبين في مختلف الحقول الإبداعية".
لكنّ الجائزة الموصوفة بأكبر جائزة أدبيّة وفنّية في أكبر بلد عربيّ وأفريقيّ من حيث المساحة، ظلّت محلّ جدل في الواقع، خاصّة من زاوية المبالغ الضّئيلة التي يحظى بها الحاصلون عليها، ومن زاوية فشلها في وضعهم داخل دائرة الضّوء، فلم تسلم في كلّ دورة من دوراتها، من هذا السّؤال: ألا يفترض بالجائزة الرّئاسيّة أن تكون رئاسيّة في الامتيازات التي تمنحها، حتّى تحقّق قيم التّشجيع والتقدير؟
وتقدم الجائزة التي تحمل اسماً إضافياً إلى جانب ارتباطها باسم رئيس الجمهورية، هو الفنان علي معاشي الذي أعدمته السلطات الاستعمارية الفرنسية عام 1958، لثلاثة شباب، وفق ثلاث مراتب، في الشعر والرواية والمسرح والسينما والتشكيل والكوريغرافيا والموسيقى وفنون الأداء، وقد أضاف إليها وزير الثقافة والفنون الحالي زهير بللو القصة القصيرة، ووعد بإضافة الشعر المكتوب باللغة المحكية الذي يعرف بـ"الشعر الشعبي".
ويحصل الفائزون الثلاثة في كل فرع، على مبالغ في حدود ثلاثة آلاف دولار أميركي وألفين وألف دولار على التوالي. وهي مبالغ ظلت محل انتقاد وسخرية من طرف قطاع واسع من الفنانين والإعلاميين والنشطاء.
جائزة للحاجات الصّغيرة
في حديثه لـ" العربي الجديد"، يقول الروائي باسط باني الذي سبق له أن حصل على الجائزة، إن جائزة ترتبط باسم رئيس الدولة وباسم فنان شهيد، وتُوزّع في اليوم الوطني للفنان الموافق للثامن من جوان (يونيو/ حزيران) من كل عام، في دولة محورية في الفضاءات العربية والأفريقية والمتوسطية، وهي موجهة لأهم شريحة في المجتمع، يفترض أن تكون المبالغ المرصودة لها وازنة ومغرية، "حتى تتحقق قيمة التشجيع التي وجدت من أجلها أصلاً".
وأكّد ستة من الفائزين بالجائزة في دورات سابقة، أنهم دفعوا المبالغ التي حصلوا عليها في اتّجاه قضاء الديون الصغيرة التي كانت مترتّبة عليهم. وهنا؛ يتساءل الروائي يوسف عمارة: "ما الفرق بين الجزائر ودول أخرى في الشرق والغرب، بحيث تتفوّق مالياً جوائز في هذه الأخيرة، تنظّمها مؤسّسات صغيرة؟".
يضيف: "هل قُدِّر على الكتّاب الشباب الجزائريين أن يولّوا وجوههم نحو المشرق إذا كانوا يكتبون بالعربية، ونحو فرنسا إذا كانوا يكتبون بالفرنسية؟ ليست الجزائر أقلّ إمكانياتٍ، حتّى تدفع أولادها إلى النزوح الإبداعي".
أقرب إلى التّعتيم
في سياق آخر، يبدي الباحث الأكاديمي محمّد الأمين لعلاونة دهشته من عجز الجائزة عن إبراز كاتب أو فنّان واحد فاز بها، إذ يقول "لم نشهد فائزاً واحداً بجائزة رئيس الجمهورية، قد صار اسماً معروفاً بسبب فوزه، مثلما يحصل للفائزين بجوائز عربية جاءت بعدها بكثير. ويؤكّد صاحب كتاب "كيمياء الرّواية" أنه لاحظ أنّ القرّاء في معارض الكتاب، لا تستوقفهم الكتب المتوّجة، رغم أنّ أغلفتها تحمل عبارة "حائز على جائزة رئيس الجمهورية لإبداعات الشّباب". وهذا يعني أنّ هناك خللاً يجب علاجه. لقد وجدت الجوائز للتّلميع لا للتّعتيم".
مساعٍ جدية لرفع قيمة الجائزة ودعم نتاجات الفائزين بها
ونفى بعض الفائزين السّابقين، في حديثهم لـ "العربي الجديد" أن يكونوا قد حظوا بمتابعة، أو استفادوا من امتيازات معيّنة، ما عدا نشر الكتب في طبعات محدودة، بالنّسبة للشّعراء والرّوائيين، وإنتاج النّصوص المسرحيّة بالنّسبة للكتّاب المسرحيين. ويبدو هؤلاء محظوظين، مقارنة بالفائزين في الفروع الأخرى، مثل السّينما والموسيقى والفنّ التشكيلي والكوريغرافيا.
يقول الممثّل المسرحي مختار زعيتري، إنّه اعتقد أنّ فوزه بالجائزة في مجال فنّ الأداء، سيفتح أمامه أبواباً كثيرة، حيث اختبر عرضيه من طرف إدارة مهرجان عربي، وكان علي أن أتدبّر تذكرة الطائرة، فلم يُراع كل المسؤولين الذين قصدتهم لأجل ذلك.
أفق الإصلاح
نقلت "العربي الجديد" هذه الهواجس، إلى رئيس لجنة التّحكيم الكاتب والأكاديمي ومحافظ "المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي" سعيد بن زرقة، فقال إن الجائزة تبقى، بالرغم من كل نقائصها، مكسباً للمبدعين الشّباب، "وإنها بدءاً من دورتها القادمة ستشهد إضافات وإصلاحات وتحسينات مهمّة، تضمّنها تقرير لجنة التّحكيم إلى وزير الثقافة والفنون الذي طلب ذلك".
ومن بين الإصلاحات التي ستشهدها الجائزة، بحسب بن زرقة، رفع قيمتها المالية، وبعث آليات إشهارية تجعلها مضاءة ومضيئة في الوقت نفسه، من ذلك استفادة الشباب الحاصلين عليها من فرص التكوين المتاحة، ومن خدمات المؤسّسات الثقافية الحكومية، نشراً وتوزيعاً ودعماً للإنتاج.
ويختم صاحب كتاب "قلّة أدب" بالقول: "ولادة الجائزة كانت أصلاً مرتجلة، بما جعلها عرضة لبعض الاختلالات في سنواتها السّابقة، لكن التقاء رغبة الوصاية مع رغبة النّخب الأدبية والفنّية، حالياً، في الذّهاب بها إلى أفق أكثر تأثيراً، سيجعلها محلّ إصلاح حقيقي".